تدريس قصة أدبية : بطلها خنزير!!
السؤال: 129008
أعيش فى الغرب مع أطفالي ، وحرصت أن ألحقهم بالمدارس الإسلامية ، وقد قام أحد المدرسين المسلمين باختيار قصة تدور أحداثها حول ” خنزير ” ، وعند التحدث مع المعلم حول هذا الأمر : احتج بأن القصة مستواها الأدبي راقٍ جدّاً ، ونحن لا نقول للأطفال كلوا لحم الخنزير ، فلا يَرى مانعا من تدريس هذه القصة ، فهل هناك محذور شرعي من تدريس هذه القصص التي تدور أحداثها حول خنزير ؟ .
وللمعلومية اسم القصة Charlotte’s Web
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
”
تبدأ
القصة
ـ المشار إليها ـ عندما تضع أنثى الخنزير ! الخاصة بالمزارِع ” جون أربلز ” بضعة
خنازير صغيرة ، ومع الوقت يلاحظ ” أربلز ” أن أحدها قزم ، ولا ينمو بالشكل المطلوب
، فيقرر قتله ، في ذلك الوقت ترجوه ابنته البالغة من العمر ثماني سنوات أن لايقوم
بقتله ، فيقرر والدها أن يمنحها الخنزير الصغير كحيوان أليف لها ! ، بدورها تطلق
عليه اسم ” ويبر ” ، يظل ” ويبر ” مع ” فيرن ” لعدة أسابيع ، ثم يقرر والدها أن
يبيعه لعمها ، وتداوم ” فيرن ” على زيارة ” ويبر ” في مزرعة عمها وقتما استطاعت ،
إلا أن ” ويبر ” يزداد شعوره بالوحدة يوماً بعد الآخر ، في نهاية المطاف يستمع ”
ويبر ” لصوت دافئ ، يخبره أنه بامكانها أن تكون صديقة له ، هذا الصوت هو لـ ”
شارلوت ” ، أنثى العنكبوت الرصاصية ، وسرعان ما يصبح ” ويبر ” جزءً من مجتمع
حيوانات المزرعة ، وفي يوم يخبره ” خروف عجوز ” ! أنه – أي : ” ويبر ” – سوف يذبح
ليقدم كوجبة رئيسية في ” الكريسماس ” ! ، يصاب ” ويبر ” بالهلع ، فيهرع إلى ”
تشارلوت ” طلباً للمساعدة ، يخطر على بال ” شارلوت ” فكرة ، وهي : كتابة كلمات على
الشبكة التي تحيكها تبيِّن فيها مدى تفوق وتميُّز ” الخنزير ويبر ” ، وهي ” بعض
الخنازير ” رائعة ” ، ” متوهجة ” ، ” متواضعة ” ، وكانت حجتها أنه اذا صار ” ويبر ”
شهيراً : فإنه من الصعب أن يتم ذبحه حينها ، وبفضل ” تشارلوت ” : فإن ” ويبر ” لم
يتم ذبحه فحسب بل صار حديث المقاطعة بأسرها ، بل وربح جائزة خاصة في ” كرنفال ” !
المقاطعة ، وبسبب فترة العمر القصيرة للعناكب : تموت العنكبوت ” تشارلوت ” ، ويحزن
” ويبر ” ، وحيوانات المزرعة ، ويتعهد بحماية كيس البيض الذي وضعته ” تشارلوت ” ،
وعندما يفقس بيض ” تشارلوت ” في المزرعة : تخرج منها العناكب الصغيرة منتشرة في
أماكن أخرى ، حيث تبدأ كل منها حياتها الخاصة ، باستثناء ثلاث عناكب صغيرة تقرر
البقاء في المزرعة ؛ ليكونوا أصدقاء ” ويبر ” وهم ” جوي ” ، ” أرانيا ” ، و ” نيللي
” .
انتهى من الموسوعة ” ويكبيديا ” !
ثانيا :
من
المعلوم للخاص والعام أن الله عز وجل حرم في كتابه أكل لحم الخنزير على المسلم ،
ووصفه بأن رجس ، أي : نجس ؛ وهذا غاية ما يوصف به في مقام الإهانة والتنفير منه ،
ولقد صار النفور منه علامة لحرص المسلم على دينه ، وتعظيمه والرغبة في أكله
واقتنائه ، شعار للنصارى وغيرهم .
وقد
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام ، الذي يزعم
النصارى أنهم أتباع له ، سوف ينزل آخر الزمان : فلا يقبل من أحد إلا الإسلام ،
ويبطل شعار الكفر ، ومنه الصليب والخنزير :
(
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ : لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ
حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ
الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .
رواه البخاري (2222) ومسلم (155) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
قال
المهلب في شرحه :
”
قال المهلب : هذا وعد من النبى – عليه السلام – بنزول عيسى ابن مريم إلى الأرض ،
وفيه من الفقه كسر نصب المشركين وجميع الأوثان ، وإنما قصد إلى كسر الصليب وقتل
الخنزير من أجل أنهما فى دين النصارى المغترين المعتدين فى شريعتهم إليه ، فأخبر
النبى أن عيسى سيغير ما نسبوه إليه، كما غيره محمد وأعلمهم أنهم على الباطل في ذلك
” . انتهى.
“شرح صحيح البخاري” ، لابن بطال (6/604) .
وقال الإمام النووي رحمه الله :
” (
فيكسر الصليب ) معناه : يكسره حقيقة ، ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه .
وفيه دليل على تغيير المنكرات والآت الباطل . وقتل الخنزير من هذا القبيل .
وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور : أنا اذا وجدنا الخنزير فى دار الكفر
أوغيرها وتمكنا من قتله قتلناه .. ” انتهى . “شرح مسلم” (2/190) .
ولذلك صرح الفقهاء في كتبهم بأن الخنزير من شعار أهل الكفر ، الذي لا ينبغي إظهاره
في دار الإسلام . قال الخطيب الشربيني رحمه الله :
”
ويمنع الكافر مِنْ إسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلًا شِرْكًا ؛ كَقَوْلِهِمْ :
اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا …
وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ ، وَهُوَ مَا تَضْرِبُ بِهِ
النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ … ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ
وَإِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ ” انتهى .
“مغني المحتاج” (4/257) .
والشاهد من ذلك كله : أن المسألة ليست هي مجرد أكل لحم الخنزير من عدمه ؛ بل إن
الشرع قد جاء بإهانة الخنزير وتحقيره وقتله ، وجعله تعظيمه وإكرامه من شعار الكفر ،
لا إكرامه وعرضه في مثل هذه الصورة الموحية بالتعاطف معه ـ في أقل الأحوال ـ ؛
فالواجب أن يكون هذا المعنى هو الذي يقرر ويغرس في نفوس الطلاب ، وذلك يتنافى مع
تدريسهم لمثل هذه القصة ؛ ولا شك أن المدرس الذي قرر ذلك لم يكن مصيبا في وجهة نظره
؛ وأما الفائدة الأدبية ، والأسلوب البليغ الذي قد تتميز به : فهذا يسهل تحصيله ،
وتحصيل ما هو أرقى وأرفع منه في عشرات ، بل ومئات القصص الأدبية التي تخلو من مثل
ذلك المحذور .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
النشرة البريدية
اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب
- حول الموقعسياسة الخصوصيةإرسال الملاحظات
- جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب 2024-1997 ©