طلقت امرأتي طلقة واحدة ، بعذر أنها غير مرتاحة ، وأنا غير مرتاح معها كذلك ، ولكن السبب الحقيقي لطلاقي إياها هو أني اكتشفت بعد زواجي منها بعام أنها كانت على علاقة بجارهم الذي كان قد وعدها بالزواج ، وطلبها من أهلها ، ولكنهم رفضوه لأسباب لا أعلمها
، ولكنها ظلت تتواصل معه لعام كامل بالتليفون بعد أن رفضه أهلها .
وقد عرفت الموضوع بالصدفة ، عندما كانت تكلم إحدى صديقاتها بالتليفون .
مع العلم أني تأكدت أنها لم تكلمه منذ أن تمت خطوبتها لي . لكني استأت وتأثرت كثيرا بعد أن اعترفت لي بأنها كانت تحبه وتتواصل معه ، حتى بعد أن رفضه أهلها ، لكنها لم تعد تحب هذا الماضي الأسود ، والنقطة السوداء في حياتها ، وهي مخلصة .
هل أنا مخطئ في طلاقها لهذا السبب ؟ مع العلم أن لهل سلبيات أخرى ، مثل أي امرأة أخرى ، وهي تحبني كثيرا .
كانت على علاقة بجارهم قبل الخطبة ثم قطعتها وتابت وطلقها زوجها بعد علمه بذلك
السؤال: 150500
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ليس من شك – أيها السائل الكريم – أن كل إنسان منا له صوابه وخطؤه ، فيه قدر من الخير ، وقدر آخر من النقص والشر ؛ والسعيد فينا من غلبت خيره شره ، وحسناته سيئاته ، وحاول أن يغلب نوازع الخير والإيمان والصلاح في نفسه ، على جوانب النقص والشر والفساد ، فإذا ضعفت نفسه ، ووقع في شيء من الشر أو العصيان : بادر بإصلاح ذلك الجانب الأسود في نفسه ، وصقل قلبه بالتوبة النصوح . قال الله تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ) الأعراف/200-202 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
” ولما كان العبد لا بد أن يغفل وينال منه الشيطان ، الذي لا يزال مرابطا ينتظر غِرَّته وغفلته ، ذكر تعالى علامة المتقين من الغاوين ، وأن المتقي إذا أحس بذنب ، ومسه طائف من الشيطان فأذنب بفعل محرم أو ترك واجب – تذكر من أي باب أُتِيَ ، ومن أي مدخل دخل الشيطان عليه ، وتذكر ما أوجب اللّه عليه ، وما عليه من لوازم الإيمان ، فأبصر واستغفر اللّه تعالى ، واستدرك ما فَرَط منه بالتوبة النصوح ، والحسنات الكثيرة ، فرد شيطانه خاسئا حسيرا ، قد أفسد عليه كل ما أدركه منه .
وأما إخوان الشياطين وأولياؤهم ، فإنهم إذا وقعوا في الذنوب ، لا يزالون يمدونهم في الغي ذنبا بعد ذنب ، ولا يُقصرون [أي:لا ينتهون] عن ذلك ، فالشياطين لا تقصر عنهم بالإغواء ، لأنها طمعت فيهم حين رأتهم سلسي القياد لها ، وهم لا يقصرون عن فعل الشر” انتهى .
” تفسير السعدي” (312) .
وقد فهم الشاعر العربي هذا المعني في النفس الإنسانية ، فقال :
إذا كنتُ في كُلِّ الأُمُورِ مُعاتِباً … صَدِيقَكَ، لم تَلْقَ الذي لا تُعاتِبُهْ
فعِشْ واِحداً، أو صِلْ أخاك، فإنَّهُ … مُقارِفُ ذَنْبٍ تارَةً ومُجانِبُهْ
إذا أنتَ لم تَشْرَبْ مِراراً على القَذَى … ظَمِئْتَ، وأيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشارِبُهْ
ثانياً :
إذا تبين لك ما قلناه ، فإن ما وقع من زوجتك ليس سببا مقنعا لفراقك لها ؛ أما الماضي ، فقد تابت منه ، ورأت أنه علامة سوداء في ذاكرتها ، ونقطة سوداء في صفحتها ، لم تعد تحب أن تراها ، بعدما أقلعت عنها ، وتابت منها ، فلماذا تذكرها أنت بها ، وتؤاخذها بأمر قد تركته ، وأقلعت عنه ، مع أنها لم تصل إلى حد الفاحشة ، أو فعل السوء ، معاذ الله ؛ بل والله ، لو ضعفت النفس ، ففعلت شيئا من ذلك ، وتابت منه توبة نصوحا ، لما كان لأحد أن يؤاخذها بأمر تابت منه ، وندمت عليه ، ولا تستقيم الحياة بمثل ذلك .
فحسبُكَ من زوجِكَ أنها أحبتك كثيرا ، كما تقول أنت ، ورغبت في طي صفحة الماضي ، والعيش معك في السكن الطبيعي ، والمودة والالتئام بينكما ، وطاعتك فيما تحب .
فاطو معها صفحة الماضي يا عبد الله ، والحذر الحذر من أن تتجسس على أهلك ، أو تتخونهم ، ما دام لم يبد لك منها ما يريبك ، وقد بدا لك صلاحها ، واستقامة حالها معك ؛ فأمسك عليك زوجك ، وراجعها ، وأصلح ـ معها ـ ما هو آت من عيشكما ، يصلح الله لكما ما فات ، ويتوب عليكما فيه ، ولعل الله أن يبدله لكما حسنات .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب