روى ابن عباس -رضي الله عنه -في صحيح مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الليل فقضى حاجته ،ثم غسل وجهه ويديه ، ثم نام) . على هذا الحديث هل إذا قام المرء من نومه لقضاء حاجته غسل وجهه ويديه (بعد فراغه منها وقبل نومه ) تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام ؟ وهل ذَكر أهل العلم لغَسل النبي -صلى الله عليه وسلم-لوجهه علة صحيحة ؟ لاسيما أن غسل الوجه ينشّط عادة ؟ ومظنة الأذى فيه ليست كاليدين ؟
يستحب لمن قام من الليل ، وذهب لقضاء الحاجة ، ثم أراد أن ينام ثانية : أن يغسل وجهه ويديه .
السؤال: 228274
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى البخاري (6316) ، ومسلم (763) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ” بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى حَاجَتَهُ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ ، فَأَتَى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ ، فَصَلَّى …” .
وفي رواية لمسلم : ” … فَقَامَ فَبَالَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ صَبَّ فِي الْجَفْنَةِ ، أَوِ الْقَصْعَةِ ، فَأَكَبَّهُ بِيَدِهِ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ ” .
وفي رواية لهما :
” … فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ ” .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” الِاسْتِيقَاظَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ: فَفِي الْأُولَى نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ تَلَا الْآيَاتِ ، ثُمَّ عَادَ لِمَضْجَعِهِ فَنَامَ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَعَادَ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي رِوَايَتِهِ ، وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ كُرَيْبٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ : ( فَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَأَتَى حَاجَتَهُ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الْقِرْبَةَ ) الْحَدِيثَ . وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ : ( ثُمَّ قَامَ قَوْمَةً أُخْرَى ) انتهى .
فتبين بما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الله تعالى ، وقرأ الآيات المذكورة ، بعدما قام في المرة الأولى ؛ ولهذا ذكر أهل العلم أن الحكمة من غسل وجهه : التنشيط على الذكر في هذه الحالة .
قال النووي رحمه الله :
” الظَّاهِرُ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ – أَنَّ الْمُرَادَ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ الْحَدَثُ، وَالْحِكْمَةُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ: إِذْهَابُ النُّعَاسِ وَآثَارِ النَّوْمِ، وَأَمَّا غسل اليد: فقال القاضي: لعله كان لشيء نَالَهُمَا ” .
انتهى من “شرح النووي على مسلم” (3/ 215) .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
” ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْغَسْلَ لِلتَّنْظِيفِ ، وَالتَّنْشِيطِ لِلذِّكْرِ وَغَيْرِهِ ” .
انتهى من “الفروع” (1/ 188) .
ويشرع ـ كذلك ـ غسل اليد من القيام من النوم قبل إدخالهما في الإناء ؛ لما روى البخاري (162) ، ومسلم (278) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (175806) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة