0 / 0

الكاظم غيظه يخير من الحور، فماذا للمرأة؟

السؤال: 322548

فى الحديث الشريف : (من كظمَ غيظًا ، وهو قادرٌ علَى أنْ يُنْفِذَه دعاه اللهُ عزَّ وجلَّ علَى رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرَهُ اللهُ منَ الحورِ ما شاءَ) السؤال : 1) هذا الثواب من الحور العين للرجال، فماذا يحصل النساء إذا كظمن غيظهن ؟ 2) كلمة ما يشاء هذه كلمة مطلقة ليس لها حد معين، فكم عدد الحور العين التى أحصل عليها ؟ 3) وهل المقصود بالكظم للغيظ أن يكون هكذا دائما طوال العمر، وهذا أمر شبه مستحيل أن يظل الإنسان طوال عمره بلا غضب، أم من كظم غيظا ولو مرة واحدة يأخذ هذا الثواب؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ .

رواه الإمام أحمد في “المسند” (24 / 398) وأبو داود (4777) والترمذي (2021) وقال: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ”، وحسنه الشيخ الألباني في “صحيح الترغيب والترهيب” (3 / 48)، وحسنه محققو المسند.

وهذا الحديث قد رتب فيه الأجر على مجرد كتمان الغيظ، ولم يقيده بشرط المداومة، فالظاهر أن هذا الأجر مرجو لمن كتم غيظه ولو مرة واحدة.

قال ابن علان رحمه الله: “

“والغيظ: تغير الإنسان عند احتداده.

وظاهر عموم تنكير ( غيظاً ) : حصول الثواب على كظم الغيظ ، مع القدرة على إنفاذه ؛ وإن قلّ ” انتهى، من “دليل الفالحين” (1/197).

لكن هذا الكتمان مقيّد بأن يكون صاحبه قادرا على إلحاق ضرر بمن اغتاظ منه، لكنه  نهى نفسه عن هواها وحبس غضبه.

قال ابن رسلان رحمه الله : ” ( من كظم غيظًا) أي: تجرعه، واحتمل سببه، وصبر عليه .

(وهو قادر على أن ينفذه) بضم الياء، وسكون النون، وكسر الفاء، من أنفذ حكمه ، إذا أمضاه، وفي حديث بر الوالدين: “الاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما” ، أي: إمضاء وصيتهما بعد موتهما، والمراد أن من أمسك عن إمضاء غيظه ، وهو قادر على إمضائه وإيقاع ما يشفي غيظه بعدوه. وقال ابن عرفة: الكاظم: الممسك على ما في قلبه عن إمضائه.

( دعاه اللَّه -عزَّ وجلَّ- على رؤوس الخلائق يوم القيامة ) أي: ناداه مناد من قبل اللَّه تعالى ، على رؤوس الخلائق مرتفعًا ، بالدخول إلى الجنة ، ( حتى يخيره اللَّه ) في الجنة (من) أنواع (الحور العين ما شاء) منها ، حين تعرض عليه. ” انتهى من “شرح سنن أبي داود” (18/425).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

” أما الحديث الأول: حديث معاذ بن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة ).

الغيظ: هو الغضب الشديد، والإنسان الغاضب هو الذي يتصور نفسه أنه قادر على أن ينفذ؛ لأن من لا يستطيع، لا يغضب، ولكنه يحزن، ولهذا يوصف الله بالغضب ولا يوصف بالحزن؛ لأن الحزن نقص، والغضب في محله كمال؛ فإذا اغتاظ الإنسان من شخص وهو قادر على أن يفتك به، ولكنه ترك ذلك ابتغاء وجه الله، وصبر على ما حصل له من أسباب الغيظ؛ فله هذا الثواب العظيم أنه يدعى على رؤوس الخلائق يوم القيامة ويخير من أي الحور شاء. ” انتهى من “شرح رياض الصالحين” (1 / 274).

ثانيا:

الأصل في أجور الأعمال الصالحة أن تكون للنساء كما هي للرجال.

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ رواه أبو داود (236)، والترمذي (113)، وصححه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (6 / 860).

قال الله تعالى:  وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا   النساء/124.

وقال الله تعالى:  مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ   النحل/97.

وقال الله تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى آل عمران/195.

وقال الله تعالى:  وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا   طه /112.

ويستثنى من هذا : الجزاء المختص بالرجال دون النساء، فمن المعلوم أن الحور العين هي جزاء للرجال في الجنة لا للنساء، لكن المرأة تنال أصل هذا الجزاء وهو الوعد بالجنة؛ لأن الله تعالى إذا خير عبدا في أي الحور شاء، فلازم هذا أن يدخل الجنة التي هي دار التمتع بالحور العين.

قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:

” (حَتَّى يُخَيِّرَهُ) أي: يجعله مخيرا (فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ) أي: في أخذ أيهن شاء، وهو كناية عن إدخاله الجنة المنيعة وإيصاله الدرجة الرفيعة ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (8 / 816).

وهي موعودة بالأجر العظيم للصابر كما في قوله تعالى:

( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ  ) الزمر/10.

فالمرأة التي تكظم غيظها وهي قادرة على إنفاذه ، موعودة بدخول الجنة ، ولها من الثواب الجزيل ما يشاؤه الله عز وجل لها .

ثالثا:

جملة:   حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ   نص على أن هذا المؤمن يخير فيختار ، ولم ينص الحديث على أنه يختار من العدد ما شاء، وتفاصيل هذا التخيير من علم الغيب الذي لا يعلم إلا بالوحي، وما دمنا لم نحط علما بتفاصيل هذا التخيير، فلا يليق بالمسلم أن يقترح هيئة معينة يثير بها الشبهات والمغالطات حول كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا  الإسراء/36.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android