0 / 0
18,46817/01/2021

لفظ “الذرية” في القرآن، وقول إبراهيم (من ذريتي) .

السؤال: 323733

كلمة الذرية في القرآن الكريم هل تعني الزوجة ؟ أيضا في بعض الآيات مثل الآية : ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ) إذا كانت لا تشمل الزوجة لماذا سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يدعو لزوحته في هذه الآية؟ وكل الايات التي في السور الأخرى لا يوجد دعاء لزوجاته، وأيضا لماذا قال سيدنا إبراهيم عليه السلام ( من ذريتي ) ولم يقل ( اني أسكنت ذريتي ) لماذا (من) البعضية؟

الجواب

أولًا : لفظ الذرية 

ذكر لفظ "الذرية" ومشتقاته (32) مرة ، في (30) آية ، موزعة على (19) سورة  .

قال "الراغب" في "المفردات" (327) : " والذُّرِّيَّة أصلها : الصّغار من الأولاد ، وإن كان قد يقع على الصّغار والكبار معا في التّعارف ، ويستعمل للواحد والجمع ، وأصله الجمع .

قال تعالى : ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ  آل عمران/ 34 ، وقال :  ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ  الإسراء/ 3 ، وقال:  وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ   يس/ 41 ، وقال :  إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي  البقرة/ 124 .

وفي الذُّرِّيَّة ثلاثة أقوال :

قيل هو من : ذرأ الله الخلق ، فتُرك همزه ، نحو : رويّة وبريّة.

وقيل : أصله ذرويّة .

وقيل : هو فعليّة من الذّرّ نحو قمريّة " انتهى .

ثانيًا : المراد بالذرية في الآية 

المراد بالذرية في الآيات الكريمة ؛ الأبناء دون غيرهم ، كما قال سبحانه :  وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا  الفرقان/74، فقد غاير بين الأزواج والذرية .

ولا نعلم أحدا من أهل العلم بلغة العرب، ولا بالتأويل: ذكر أن لفظ "الذرية" يشمل الزوجات أيضا، مع الأبناء.

قال في "المعجم الاشتقاقي" (2/ 705) : " وذرّية الرجل : وَلَدُه ( ينشئون عنه دِقاقًا – تنتشر باسترسال ) ، وهي على زنة فُعْلِيّة  : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) آل عمران/38 "، انتهى.

ثالثًا : خلاف أهل التفسير في المراد بـ (أسكنت من ذريتي) 

اختلف أهل العلم في تفسير ( من ) في هذه الآية ، على قولين:

الأول: أن ( من ) تبعيضية ، على ما ذكر في السؤال ، وإنما ذكر التبعيض هنا لأنه إبراهيم عليه السلام لم يسكن كل ولده في هذا البلد الحرام ، وإنما الذي أسكنه هناك هو إسماعيل عليه السلام، جد العرب ، مع أمه هاجر.

والقول الثاني: أن ( من ) : بيانية، لتأكيد أن الذين أسكنهم هم ذريته.

قال "الواحدي" في "البسيط" (12/ 487 – 488) : " قوله تعالى: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي قال الفراء: ولم يأت منهم بشيء يقع عليه الفعل ، وهو جائز أن يقول : قد أصبنا من بنى فلان ، وقتلنا من بني فلان ، وإن لم يقل رجالاً ؛ لأن (من) تؤدّي عن بعض القوم ؛ كقولك : قد أصبنا من الطعام ، وشربنا من الماء ، ومثله : أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ [الأعراف: 50] .

قال أبو بكر : ويجوز أن يقال : إن (من) دخلت لتوكيد الكلام ، والتقدير : ربنا إني أسكنت ذريتي كما قال ذو الرُّمّة :

تَبَسَّمْن عن نَوْرِ الأقَاحيِّ في الضُّحَى … وفَتَّرْنَ من أبْصَارِ مضْرُوجةٍ نُجْلِ

وعلى ما ذكر الفراء (من) دخلت للتبعيض ، والتأويل : إني أسكنت بعض ذريتي ، وذلك أنه أنزل إسماعيل بعض ذرية إبراهيم ، يدل على هذا قول ابن عباس في هذه الآية إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي يريد : إسماعيل ، بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ قال : يريد وادي مكة ، ومكة كلها واد ، والكلام في الوادي قد ذكرنا عند قوله : فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ [الرعد: 17] والقول الأول : اختيار أبي علي ، قال : معناه إني أسكنت من ذريتي ناسًا ، فحذف المفعول لدلالة الإسكان عليه "انتهى .

فالمقصود بالذرية هنا ؛ إسماعيل عليه السلام.

ثم؛ لا شك أن أمه داخلة في دعوة إبراهيم عليه السلام، فإن الإفئدة التي تهوي، لن تهوي إلى إسماعيل وحده، بل تهوي إلى إسماعيل ومن معه، ولهذا قال إبراهيم :   فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم   : بصيغة الجمع ، يعني: إسماعيل ومن معه في المكان.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android