تنزيل
0 / 0
106304/06/2023

هل يثاب من أسلم وتبعه محبوه على ذلك؟ وهل يصح إسلامهم؟

السؤال: 429112

منذ أيام أسلم رجل أمريكي مشهور جدا، وذو تأثير اجتماعي كبير في أمريكا، وبعد إعلان إسلامه دخل كثير من متابعيه الإسلام؛ لأجله، أو حبا له، أو إقتداء به، كونهم يقتدون به في أشياء أخرى، كل على نيته، فهل يحسب إسلام متابعيه أجرا في ميزان حسناته؟ علما بأنه في إعلان إسلامه قال نصاً: أنا أدعوكم للإسلام، ويحدث بها متابعيه، فهل يؤجر على ذلك؟ وهل يشترط ليؤجر عليه أن يكون مستحضرا لنية الدعوة للإسلام؟ أم يكفيه سنهُ سنةً حسنة؟ وهل يعتبر إسلام متابعيه إسلاما حقيقيا، أم إن نيتهم قد تكون موضع تساؤل لعدم إخلاصها لله تعالى؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :

كل من فعل شيئا حسنا مفيدا ، واقتدى الناس به فيه ، فإن له مثل ثوابهم ، لأنه هو المتسبب في ذلك ، وكل من تسبب في حصول خير فله ثواب على ذلك .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله  عليه وسلم قال : (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (2674) .

وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمُ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ ، فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِىَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ .

قَالَ : ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ [أي: فضة] ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِى وَجْهِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ ، وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ).

والدلالة على الخير قد تكون بالقول أو بالفعل .

ولا يشترط لحصول الثواب أن يكون الفاعل الأول قد استحضر أن الناس يتابعونه على ذلك الخير ، وسبب ورود الحديث يدل على هذا ، فإن الصحابي الذي بدأ بالصدقة لم يرد في الحديث أنه فعل ذلك من أجل أن يقتدي به الناس ، ولا سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، بل أخبر أن له مثل ثواب من اتبعه على ذلك .

وهذا الرجل المسئول عنه ، قد صرح بأنه يدعو متابعيه للإسلام ، فلا إشكال أن يكون له مثل ثواب من اتبعه ، إن شاء الله ، وفضل الله واسع على عباده .

ثانيا :

أما إسلام متابعيه ، فكل من نطق الشهادتين (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله) وهو مختار غير مكره ، فإننا نحكم له بالإسلام .

وما المانع من صحة إسلام هؤلاء ؟ أليس على هذا أسلمت قبائل العرب ، يسلم كبيرهم ، أو يسلم ذو شأن فيهم ، فتسلم القبيلة كلها ، تبعا لإسلامه ؟! ومن قرأ السيرة عرف ذلك وتبينه .

وقد نص العلماء على أنه يحكم بصحة إيمان المقلد ، وهو الذي آمن بدون نظر في الأدلة ، ولكنه آمن لكونه –مثلا- رأى من يثق في عقله وعلمه آمن ، فاتبعه على ذلك ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة ، أي : صحة إيمان المقلد ، خلافا لمن منع ذلك من أهل البدع ، وأوجب على كل مسلم أن يكون إسلامه بعد النظر في الأدلة العقلية ، وعلى الطريقة المنطقية .

قال النووي رحمه الله :

“قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (أقاتِلُ النَّاسَ حتى يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، ويؤمِنوا بي وبما جِئتُ به)  … فيه دَلالةٌ ظاهِرةٌ لمذهَبِ المحقِّقين والجماهيرِ مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ : أنَّ الإنسانَ إذا اعتَقَد دينَ الإسلامِ اعتِقادًا جازِمًا لا تردُّدَ فيه، كفاه ذلك، وهو مُؤمِنٌ مِن الموحِّدين، ولا يجِبُ عليه تعَلُّمُ أدِلَّة المتكَلِّمين ومعرفةُ اللهِ تعالى بها، خلافًا لِمن أوجب ذلك وجعَلَه شَرْطًا في كونِه من أهلِ القِبلةِ، وزعم أنَّه لا يكونُ له حُكمُ المُسلِمين إلَّا به، وهذا المذهَبُ هو قَولُ كثيرٍ مِن المعتَزِلةِ وبعضِ أصحابِنا المتكَلِّمين، وهو خطأٌ ظاهِرٌ؛ فإنَّ المرادَ التَّصديقُ الجازمُ وقد حصل، ولأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اكتفى بالتصديقِ بما جاء به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يشتَرِطِ المعرفةَ بالدَّليلِ؛ فقد تظاهَرَت بهذا أحاديثُ في الصَّحيحينِ يحصُلُ بمجموعِها التواتُرُ بأصلِها، والعِلْمُ القَطعيُّ” انتهى، “شرح مسلم” (1/ 210).

وينظر جواب السؤال رقم 🙁244937) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android