0 / 0

ما المراد بالمجالس في قوله تعالى (تفسحوا في المجالس)؟

السؤال: 447810

في هذه الآية : يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا قيلَ لَكُم تَفَسَّحوا فِي المَجالِسِ فَافسَحوا يَفسَحِ اللَّهُ لَكُم وَإِذا قيلَ انشُزوا فَانشُزوا يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ
ما المقصود في المجالس هل هي مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم فقط او مجالس الذكر او كل المجالس حتى عند مجالسة الأهل على افطار وعلى القهوة وغيرها من المجالس التي ليست من مجالس الذكر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ ‌تَفَسَّحُوا ‌فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ [المجادلة: 11].

وقد اختلف العلماء في المجالس التي أمروا فيها بالتوسع :

1- فقال بعضهم : ذلك كان مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

وقد ورد هذا عن مجاهد وجماعة من السلف .

" تفسير الطبري " (22/ 477).

2- وقال آخرون: بل المقصود مجالس القتال إذا كانوا في الحرب .

وورد عن ابن عباس وجماعة .

" تفسير الطبري " (22/ 478).

وقد اختار الإمام الطبري رحمه الله عموم الآية في القولين السابقين المجالس ، قال : " والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسحوا في المجلس ، ولم يخصص بذلك مجلس النبي صلى الله عليه وسلم دون مجلس القتال ، وكلا الموضعين يقال له مجلس ، فذلك على جميع المجالس ؛ من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجالس القتال "، انتهى، من " تفسير الطبري " (22/ 476 – 478).

وقال الإمام ابن المنذر : " فكان مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما يقولون : كان ذلك مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

وذهب غيرهم إلى أن ذلك ، وإن كان في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم نزلت ، فهو عام لمن بعده ، والله أعلم "، انتهى .

" الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف " (4/ 87).

3- ونقل مكي في الهداية عن الإمام مالك قوله : " نزلت في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان كل رجل منهم يُسَرُّ بقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه، فيمنعه ذلك من التفسح لأخيه .

قال مالك : وأرى مجالس العلم من ذلك، وهي داخلة في الآية "، انتهى .

" الهداية الى بلوغ النهاية " (11/ 7364).

ومما يدل على صحة العموم في الآية ، ما رواه البخاري (4270) ، ومسلم (2177) عَنِ ‌ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ( نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ ، وَلَكِنْ ‌تَفَسَّحُوا ‌وَتَوَسَّعُوا ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلَسَ مَكَانَهُ ).

قال أبو العباس القرطبي : " و(قوله : ولكن تفسَّحوا ، وتوسَّعوا ) هذا أمر للجلوس بما يفعلون مع الداخل ، وذلك : أنه لما نهي عن أن يقيم أحدًا من موضعه، تعيَّن على الجلوس أن يوسِّعوا له ، ولا يتركوه قائمًا ، فإنَّ ذلك يؤذيه ، وربما يخجله .

وعلى هذا : فمن وجد من الجلوس سعة تعيَّن عليه أن يوسع له ، وظاهر ذلك أنه على الوجوب، تمسُّكًا بظاهر الأمر ، وكأن القائم يتأذى بذلك ، وهو مسلم ، وأذى المسلم حرام.

ويحتمل أن يقال : إن هذه آداب حسنة ، ومن مكارم الأخلاق ، فتحمل على الندب .

وقد اختلف العلماء في قوله تعالى : ( إِذَا قِيلَ لَكُم تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ فَافسَحُوا يَفسَحِ اللَّهُ لَكُم ): فقيل : هو مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يزدحمون فيه تنافسًا في القرب من النبي صلى الله عليه وسلم .

وقيل : هو مجلس الصَّف في القتال .

وقيل : هو عامٌّ في كل مجلس اجتمع فيه المسلمون للخير ، والأجر ، وهذا هو الأولى ؛ إذ المجلس للجنس على ما أصَّلناه في الأصول "، انتهى "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " (5/ 510 – 511).

وقد قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، رحمه الله في تقرير عموم "المجالس" في الآية:

" هذا تأديب من الله لعباده المؤمنين، إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود.

وليس ذلك بضار للجالس شيئا، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو، والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه.

وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا أي: ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم لحاجة تعرض، فَانْشُزُوا أي: فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة، فإن القيام بمثل هذه الأمور من العلم والإيمان، والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجات بحسب ما خصهم الله به، من العلم والإيمان.

وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فيجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

وفي هذه الآية فضيلة العلم، وأن زينته وثمرته التأدب بآدابه والعمل بمقتضاه.". انتهى، من "تفسير السعدي" (846).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android