0 / 0

إذا وُلد لكافرين زانيين ولدٌ فهل يُنسب للزاني ؟

السؤال: 101112

قرأت إجابتكم الخاصة باتخاذ المرأة اسم زوجها وفهمت أن ذلك لا يجوز ، ولا أزال أود معرفة ما إذا كان يجوز ذلك لامرأة دخلت في الإسلام ، وتحمل في الأصل اسم أمها ؛ لأن والديها لم يكونا متزوجيْن عند ولادتها ولا يمكنها أن تحمل اسم والدها ؛ لأنه لم يعد على قيد الحياة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الزنا محرَّم في جميع الشرائع التي أنزلها الله تعالى على رسله ، والإسلام يقر نكاح أهل الأديان الأخرى الذين لم يدخلوا في الإسلام بشرطين :
الأول : أن يكون هذا موافقاً لشريعتهم .
والثاني : أن لا يتحاكموا إلينا في العقد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وقد ذكر أصحاب مالك ، والشافعي ، وأصحاب أحمد ، كالقاضي أبي يعلى ، وابن عقيل ، والمتأخرين : أنه يُرجع في نكاح الكفار إلى عادتهم ، فما اعتقدوه نكاحاً بينهم : جاز إقرارهم عليه إذا أسلموا وتحاكموا إلينا ، إذا لم يكن حينئذٍ مشتملاً على مانع ، وإن كانوا يعتقدون أنه ليس بنكاح : لم يجُز الإقرار عليه ” انتهى .
” مجموع الفتاوى ” ( 29 / 12 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
إذا كان النكاح صحيحاً على مقتضى الشريعة الإسلامية : فهو صحيح ، وإن كان فاسداً – على مقتضى الشريعة الإسلامية – : فإنهم يقرون عليه بشرطين :
الأول : أن يروا أنه صحيح في شريعتهم .
الثاني : ألا يرتفعوا إلينا .
فإن لم يعتقدوه صحيحاً : فرِّق بينهما ، وإن ارتفعوا إلينا : نظرنا ، فإن كان قبل العقد : وجب أن نعقده على شرعنا ، وإن كان بعده : نظرنا ، إن كانت المرأة تباح حينئذٍ : أقررناهم عليه ، وإن كانت لا تباح : فرَّقنا بينهما ، ودليل هذه الأشياء : إسلام الكفار في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فأبقى مَن كان معه زوجته على نكاحه في الجاهلية ، ولم يتعرض له ، فدلَّ هذا على أنه يبقى على أصله ” انتهى .
” الشرح الممتع ” ( 12 / 239 ، 240 ) .
وأما الزنا ، وما يسمى بعلاقات الصداقة : فكل ذلك باطل في شريعتهم وشريعتنا ، وهو نتاج المسخ الذي يعيشونه في سلوكهم وعاداتهم .
وقد روى مسلم ( 1700 ) من حديث البراء بن عازب قصة رجم اليهوديين الزانيين ، وكيف أنهم حتى عندما حرَّفوا التوراة وكتموا ما أنزل الله فيها : فإنهم لم يبيحوا الزنا ، بل حرَّفوا عقوبته ، وجعلوها الجلد والتسويد بالفحم بدلا من الرجم .
وهو كذلك عند النصارى ، كما في إنجيل ” متى ” : ( 19 / 18 ) : ” فقال يسوع : لا تقتل ، لا تزن ، لا تسرق ، لا تشهد بالزور ” ، وفي إنجيل ” مرقس ” ( 10 / 19 ) وإنجيل ” لوقا ” ( 18 / 20 ) : ” أنت تعرف الوصايا : لا تزن ، لا تقتل ، لا تسرق ، لا تشهد بالزور ” .
ولذلك نقول :
لو أن هذين الوالدين كانا متزوجين – ولو على ملة النصرانية أو اليهودية – : فإنه يقر نكاحهما ، وتنسب الابنة لأبيها ، أما وقد كانت الابنة من سفاح : فإنها لا تنسب للزاني ، بل تنسب لأمها ، كما هو واقعها الآن .
وفي شرعنا المطهَّر : قد اتفق العلماء جميعهم على عدم إلحاق ولد الزنا بالزاني إذا لم يطلب الزاني إلحاقه به ، بل جمهور أهل العلم قالوا بعدم إلحاقه به ولو أراد الزاني ذلك .
وليست المسألة لكون الزاني ليس على قيد الحياة ، بل لأن العلاقة بينهما لم تكن علاقة زواج ، وكانت الابنة تلك نتيجة تلك العلاقة .
وقد جاءت شريعتنا المطهرة بتحريم نسبة الولد لغير والده ، ، قال الله تعالى : ( ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيماً ) الأحزاب/ 5 .
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ).
رواه البخاري ( 3317 ) ومسلم ( 61 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
وقال بعض الشرَّاح : سبب إطلاق الكفر هنا : أنه كذب على الله ، كأنه يقول : خلقني الله من ماء فلان ، وليس كذلك ؛ لأنه إنما خلقه من غيره .
” فتح الباري ” ( 12 / 55 ) .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ) . رواه البخاري ( 3318 ) .
وقَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ) . رواه البخاري ( 4072 ) ومسلم ( 63 ) .
والخلاصة :
أن ولد الزنا – سواء كان الزانيان مسلمين أو غير مسلمين – : لا ينسب للزاني ، بل يُنسب لأمه ، فالحال التي عليها تلك الأخت المسلمة حديثاً صحيح ، وإن كان لا يمكنها إلا أن تنسب لرجل لا امرأة : فيمكنها – للضرورة – أن تنسب لاسم رجل غير معيَّن ولا معروف ، بل تختار اسماً مركباً من مقاطع وتنتسب له ، ولا يجوز لها أن تُنسب إلى زوجها .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android