0 / 0

بلده يكثر فيها التبرج ، فهل يُنكر على المتبرجات في الشارع ؟

السؤال: 101639

عندنا في بلادنا وخصوصا الحي الذي أسكنه تبرج كبير وتشبه بالنصارى فهل علي أن أنهى بعض المتبرجات في الشارع عن التبرج أم أن في ذلك فتنة علي ؟ وبالتالي أغض بصري وأنكر بقلبي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أظهر شعائر الإسلام ، وهو صفة للأمة صاحبة الخيريّة ، كما قال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) آل عمران/110 .
وله شروط وآداب سبق بيانها في جواب السؤال رقم (96662) .
وإذا كان يترتب على الإنكار مفسدة أعظم ، لم يجب ، بل يحرم حينئذ ؛ لأن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، ودرء المفاسد وتقليلها .
وانشغال الشاب بالإنكار على كل متبرجة في طريقه – في بلد يكثر فيه التبرج – قد يكون سببا لفتنته ، ولإساءة الظن به ، مع شغل وقته وزمانه ، لكن عليه أن يشتغل بدعوة قريباته وأهله ، وأن يبين لهم حرمة التبرج ، ووجوب الحجاب ، ففي ذلك خير عظيم ، وتقليل للمنكر والشر .
وقد قرر جمع من أهل العلم أنه إذا غلب الظن عدم الاستجابة والانتفاع بالإنكار لم يجب .
قال ابن رشد رحمه الله في “البيان والتحصيل” : ” إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم بثلاثة شروط :
أحدها : أن يكون عارفا بالمعروف والمنكر . إذ لا يأمن من أن ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر لجهله بحكمهما.
والثاني : أن لا يؤدي إنكاره المنكر إلى منكر أكبر منه مثل أن ينهاه عن شرب الخمر فيؤول نهيه عن ذلك إلى قتل نفس وما أشبه ذلك .
والثالث : أن يعلم أو يغلب على ظنه أن إنكاره المنكر مزيل له , وأن أمره مؤثر ونافع . فالشرطان : الأول والثاني مشترطان في الجواز ، والشرط الثالث مشترط في الوجوب فإذا عُدم الشرط الأول والثاني لم يجز أن يأمر ولا ينهى , وإذا عدم الشرط الثالث ووجد الشرط الأول والثاني جاز له أن يأمر وينهى ولم يجب ذلك عليه ” انتهى نقلا عن “المدخل” لابن الحاج (1/70) باختصار .
وقال الغزالي في الإحياء (2/328) : ” إذا علِم أنه لا يفيد إنكاره ، ولكنه لا يخاف مكروها فلا تجب عليه الحسبة لعدم فائدتها ، لكن تستحب لإظهار شعائر الإسلام وتذكير الناس بأمر الدين ” انتهى .
وينظر : الفروق ، للقرافي (4/255).
ومنه يعلم أنه إذا غلب على الظن عدم الاستجابة سقط الوجوب .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : ” الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية , إذا قام به مَن يكفي سقط عن الناس , وإذا لم يقم به من يكفي : وجب على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر , لكن لابد أن يكون بالحكمة ، والرفق ، واللين ؛ لأن الله أرسل موسى وهارون إلى فرعون وقال : ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) طه/44 ، أما العنف : سواء كان بأسلوب القول ، أو أسلوب الفعل : فهذا ينافي الحكمة , وهو خلاف ما أمر الله به .
ولكن أحياناً يعترض الإنسان شيء يقول : هذا منكر معروف , كحلق اللحية مثلاً , كلٌّ يعرف أنه حرام ، خصوصاً المواطنون في هذا البلد , ويقول : لو أنني جعلتُ كلما رأيت إنساناً حالقاً لحيته – وما أكثرهم – وقفتُ أنهاه عن هذا الشيء : فاتني مصالح كثيرة , ففي هذه الحال : ربما نقول بسقوط النهي عنه ؛ لأنه يفوِّت على نفسه مصالح كثيرة , لكن لو فرض أنه حصل لك اجتماع بهذا الرجل في دكان أو في مطعم أو في مقهى : فحينئذٍ يحسن أن تخوفه بالله , وتقول : هذا أمر محرم ، وأنت إذا أصررت على الصغيرة صارت في حقك كبيرة , وتقول الأمر المناسب ” انتهى من “لقاءات الباب المفتوح” (110/5) .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android