هل يجوز استخدام مجسم الحصان لعب للأطفال ؟
السؤال: 103237
أسأل عن مجسم الحصان الذي يباع في الأسواق ، هل يجوز استخدامه للأطفال في المنازل أم لا يجوز استخدامه ؟ وجزاكم الله كل خير ، ونفع بكم الإسلام والمسلمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
حرَّمت الشريعة المطهرة رسم ذوات الأرواح ، ونقشها ، ونحتها ، وجعلت ذلك من كبائر
الذنوب ، وقد سبق بيان ذلك بأدلة في جواب السؤال رقم : (7222)
.
وقد استثنت الشريعة من ذلك التحريم لعب الأطفال ، وذلك لما يترتب على ذلك من مصلحة
.
جاء في “الموسوعة الفقهية” :
“وقد اسْتَثْنَى أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَصِنَاعَةِ
التَّمَاثِيلِ صِنَاعَةَ لُعَبِ الْبَنَاتِ . وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ
وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ . وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ
عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ،
فَقَالَ : يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ تَصْوِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ ، وَمِنْ اتِّخَاذِهِ
لُعَبَ الْبَنَاتِ ، لِمَا وَرَدَ مِنْ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ . وَهَذَا يَعْنِي
جَوَازَهَا ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ تِمْثَالِ إنْسَانٍ أَوْ
حَيَوَانٍ ، مُجَسَّمَةً أَوْ غَيْرَ مُجَسَّمَةٍ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ نَظِيرٌ
فِي الْحَيَوَانَاتِ أَمْ لا ، كَفَرَسٍ لَهُ جَنَاحَانِ . ..
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله
عنها قَالَتْ : (كُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم إذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ ، فَيَلْعَبْنَ
مَعِي) . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ : (قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّتْ رِيحٌ
، فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ ، فَقَالَ : مَا
هَذَا يَا عَائِشَةُ ؟ قَالَتْ : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهَا
جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسَطَهُنَّ ؟ قَالَتْ
: فَرَسٌ . قَالَ : وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ؟ قَالَتْ : جَنَاحَانِ . فَقَالَ
: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ ؟ قَالَتْ : أَمَا سَمِعْت أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلا
لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ قَالَتْ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى
رَأَيْت نَوَاجِذَهُ) . وَقَدْ عَلَّلَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ
وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الاسْتِثْنَاءَ لِصِنَاعَةِ اللُّعَبِ بِالْحَاجَةِ إلَى
تَدْرِيبِهِنَّ عَلَى أَمْرِ تَرْبِيَةِ الأَوْلادِ . وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَظْهَرُ
فِيمَا لَوْ كَانَتْ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ إنْسَانٍ ، وَلا يَظْهَرُ فِي أَمْرِ
الْفَرَسِ الَّذِي لَهُ جَنَاحَانِ ، وَلِذَا عَلَّلَ الْحَلِيمِيُّ بِذَلِكَ
وَبِغَيْرِهِ ، وَهَذَا نَصُّ كَلامِهِ ، قَالَ : لِلصَّبَايَا فِي ذَلِكَ
فَائِدَتَانِ : إحْدَاهُمَا عَاجِلَةٌ وَالأُخْرَى آجِلَةٌ . فَأَمَّا الْعَاجِلَةُ
، فَالاسْتِئْنَاسُ الَّذِي فِي الصِّبْيَانِ مِنْ مَعَادِنِ النُّشُوءِ وَالنُّمُوِّ
. فَإِنَّ الصَّبِيَّ إنْ كَانَ أَنْعَمَ حَالا وَأَطْيَبَ نَفْسًا وَأَشْرَحَ
صَدْرًا كَانَ أَقْوَى وَأَحْسَنَ نُمُوًّا ، وَذَلِكَ لأَنَّ السُّرُورَ يُبْسِطُ
الْقَلْبَ ، وَفِي انْبِسَاطِهِ انْبِسَاطُ الرُّوحِ ، وَانْتِشَارُهُ فِي الْبَدَنِ
، وَقُوَّةُ أَثَرِهِ فِي الأَعْضَاءِ وَالْجَوَارِحِ . وَأَمَّا الآجِلَةُ
فَإِنَّهُنَّ سَيَعْلَمْنَ مِنْ ذَلِكَ مُعَالَجَةَ الصِّبْيَانِ وَحُبَّهُمْ
وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ طَبَائِعَهُنَّ ، حَتَّى إذَا
كَبَرْنَ وَعَايَنَ لأَنْفُسِهِنَّ مَا كُنَّ تَسَرَّيْنَ بِهِ مِنْ الأَوْلادِ كُنَّ
لَهُمْ بِالْحَقِّ كَمَا كُنَّ لِتِلْكَ الأَشْبَاهِ بِالْبَاطِلِ” انتهى .
وعلى هذا ، فلا حرج من شراء مجسم الحصان أو غيره من لعب الأطفال وانتفاع الأطفال به
، غير أنه يوجد في الأسواق بعض المجسمات تكون دقيقة الصنعة ، بحيث تشبه الحقيقة إلى
حد كبير فهذه المجسمات من الأفضل اجتنابها .
وانظر فتوى الشيخ العثيمين في ذلك في جواب السؤال رقم : (23445)
.
والله أعلم
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة