0 / 0

حكم لعبة ” اليوغي “

السؤال: 103812

ماحكم لعبة ” اليوغي ” ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

البحث في هذه اللعبة يشكل جزئية صغيرة من مفردات البحث في تأثير الثقافة على مخرجات الحضارات والمجتمعات ، وفي اصطباغها بطرائق التفكير ومبادئ الاعتقاد التي تحملها تلك الحضارة ، إذ لا يمكن الفصل – لا عقلا ولا واقعا – بين الفكر والإنتاج ، ولا بين العقيدة والسلوك ؛ لأن الطبيعة البشرية غير قادرة على التحرر من قيود الموروث الثقافي الذي نشأت وتربت عليه .
ومن هنا يبدأ النظر في جميع أشكال الألعاب المستوردة من الشرق أو الغرب .
فقد نبه كثير من التربويين إلى صور من السلوك والأخلاق التي تحملها أنواع الألعاب والأفلام الكرتونية الوافدة ، ووجدوها غريبة عن ثقافة المسلمين ، بعيدة عن القيم التي تستمدها قلوبهم وعقولهم من مشكاة الوحي ونور النبوة ، حتى اتسع الأمر ، فلا يكاد أحد يحصي أوجه الخلفيات العقائدية والثقافية للألعاب والأفلام الوافدة ، ولم تعد عملية الانتقاء تجدي كثيرا من النفع في ظل هذا التدفق الهائل عبر وسائل الإعلام اليوم .
و” اليوغي ” بجميع أشكاله – سواء كان فلما كرتونيا أو لعبة إلكترونية أو لعبة يدوية على شكل بطاقات – واحدٌ من وجوه التأثير العقائدي في برامج الأطفال الموجهة ، وإن كنا لا ندعي لزوم تعمد إخفاء التوجيه الفكري المؤثر في برامج الأطفال جميعها ، ولكننا نتحدث عن واقع مشاهَدٍ بغض النظر عن دوافعه وأسبابه .
فأنت حين تشاهد حلقات من المسلسل الكرتوني ” يوغي يوه ” – وهي التي تحكي لك بوضوح أحداث هذه الخرافة – لا تكاد تستوعب الكمَّ الهائل من خليط الأساطير والخيالات التي بنيت عليها فكرة ” اليوغي “، تتشابك فيها العقائد الوثنية والبوذية والفرعونية والإلحادية والنصرانية وغيرها ، لتخرج بمزيج لا يطيقه عقل الكبير فضلا عن الصغير المستسلم لما يتسارع أمام عينيه من أحداث وألغاز وأسرار .
تبدأ القصة من ذهاب البطل ” يوغي يوه ” إلى مصر الفرعونية ليحصل على بطاقات ” اليوغي ” التي تحمل صورا من الوحوش والأرواح والأشكال الغريبة ، ولكلٍّ طاقةٌ محددة على كل بطاقة ، ليحارب بها الشر وينشر الخير ، فتبدأ معركة الوحوش التي تحملها ، ثم انتقلت هذه المعركة إلى أيدي الأطفال والأولاد عن طريق بطاقات ” اليوغي ” التي يتنافسون في شرائها وتحصيلها .
وكي نكون أكثر موضوعية ، وأكثر اعتدالا ، ونبتعد عن طرفي الإفراط والتفريط في التعامل مع كل وافد غريب ، لزم أن نقسم الأوجه التي تقوم عليها الألعاب والبرامج إلى ثلاثة أركان رئيسة :
الأول : القصة والأفكار التي تحكيها أحداث الفلم الكرتوني ومراحل اللعبة .
الثاني : الآليات والوسائل التي تنفذ فيها أحداث القصة وتُؤدَّى بها مراحل اللعبة .
الثالث : الهدف والغاية التي تصل إلى ذهن المتلقي وعقله بعد إتمام اللعبة .
ومناط الحكم الشرعي بالتحليل أو التحريم لا بد أن يراعى فيه الجوانب الثلاثة كلها ؛ لأن الشريعة لا تقتصر في بناء أحكامها على الصورة الظاهرة ، بل تعتبر الخلفيات المؤثرة ، كما تعتبر المآلات المتوقعة ، كما تقرر القاعدة المشهورة : ” الأمور بمقاصدها “
وفي لعبة ” اليوغي ” نجد الفساد في الجوانب الثلاثة :
أما فساد القصة والفكرة :
فهي مليئة بمناقِضات العقيدة الإسلامية ، تجد في بطاقاتها أسماءَ آلهة كثيرة ، منها ” إله الأفعى ” مثلا ، وبعض الأشياء أزلية في تصويرهم ، كبطاقة ” الإبريق الأزلي ” ، وفيها بطاقات ” سحرية ” كـ ” الفارس السحري ” الذي كتب عنده بأنه ” حافظ الكرسي الملكي ” ! ، ومنها ما كتب عليها كلام يشبه الطلاسم السحرية الحقيقية ويخشى من تأثيرها على قارئها ، ومن البطاقات ما تحمل اسم ” ملاكة كبيرة ” فتصور الملائكة بالنساء الجميلات ، كما أن في بعضها ما يُظهر عقيدة تناسخ الأرواح ، والقدرة على الخلق والإيجاد من العدم ، وكلها تصور الحياة بقدر من النقاط يمكن زيادته وإطالته كما يمكن نقصه وفقده ، إلى أشياء كثيرة تهول الناظر فيها ، فلا يكاد يحصي فسادها وخروجها عن مسلمات العقيدة الإسلامية .
وذلك لا يعني تحريم الخيال في ألعاب الأطفال و” أفلام الكرتون ” ، فهو مفيد في توسيع المدارك وتعليم التفكير ، وخاصة الخيال العلمي ، وله شاهد في اللعب التي كانت عند عائشة رضي الله عنها ، فقد كان منها فرس له جناحان ، فَقَالَ لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ؟ قَالَتْ : جَنَاحَانِ . قَالَ : فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ !! قَالَتْ : أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ ! . قَالَتْ : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ ) رواه أبو داود (4932) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
لكن الذي ننكره أن يبلغ الخيال حد التعدي على مقام الألوهية وثوابت العقيدة ، وأن يخرج إلى تقرير الكفر الذي نعاه القرآن الكريم على أصحابه .
وأما فساد الآلية والوسيلة :
فهي لعبة تعتمد على الحظ في جزء كبير منها ؛ لأن أوراق البطاقات توزع على اللاعبين عشوائيا ، ثم يبدؤون في اللعب بها بحسب ما تحمله البطاقات المسحوبة ، وقد نص فقهاء الشافعية على حرمة اللعب بكل ما معتمده الحزر والتخمين ، قياسا على حرمة اللعب بالنرد الوارد في النصوص .
جاء في “نهاية المحتاج” للرملي (8/295) :
” ( ويحرم اللعب بالنرد على الصحيح ) لخبر مسلم : ( من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه ) وفي رواية لأبي داود : ( فقد عصى الله ورسوله )
ومعتمد النرد الحزر والتخمين المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق .
قال الرافعي ما حاصله : ويقاس بهما ما في معناهما من أنواع اللهو , فكل ما اعتمد الحساب والفكر – كالمنقلة : حفر أو خطوط ينقل منها وإليها حصى بالحساب ـ لا يحرم ، ومحلها في المنقلة إن لم يكن حسابها تبعا لما يخرجه الطاب الآتي وإلا حرمت – , وكل ما مُعتَمَدُهُ التخمين يحرم , ومن القسم الثاني ـ كما أفاده السبكي والزركشي وغيرهما ـ : الطاب وهو عصى صغار ترمى وينظر للونها ويرتب عليه مقتضاه الذي اصطلحوا عليه , ومن ذلك أيضا الكنجفة – وهي أوراق فيها صور ، كما في الحاشية – ” انتهى .
كما أن كثيرا من اللاعبين بـ ” اليوغي ” يلتزمون العوض في لعبهم ، فالفائز يحصل على بطاقة نادرة أو قوية ، قد تباع في السوق بمبالغ كبيرة ، فضلا عن أن الورق الملعوب به كله يشترى ويباع ، وترتفع قيمة البطاقة بحسب قوة الطاقة التي تحملها ، وهذه صور من الميسر الذي جاءت الشريعة بتحريمه تحريما قطعيا .
وأخيرا : في ” اليوغي ” أيضا فساد الهدف والغاية والأثر :
فهي تغرس في ذهن الممارس والمشاهد الأفكار التي تحملها ، وكثيرا ما يتدرج ذلك في نفوسهم من غير شعور ، فتجري على ألسنتهم كلمات استدعاء الوحوش والآلهة أو البعث من القبور – إذ يعتاد اللاعبون على إخراج البطاقات التي ذهبت إلى المقبرة بطرق معينة – ، فتتشكل في عقلية المُتَلَقِّين – وهم هنا فئة الفتيان والأطفال بل وبعض الشباب – صورٌ من الأوهام التي تؤثر في قابل الأيام على العقل الباطن في فكره وعقيدته وإنتاجه .
وفي هذا الرابط فتوى لبعض أهل العلم في هذه اللعبة :

والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android