عندما يريد شخص اعتناق الإسلام بسبب دعوتي إليه ، ما هو أول ما أعلمه ، وكيف أعلمه إن كان لا يعرف اللغة العربية ، وأنا لا أعرف لغته ، مثلا يتكلم هو ( الإنكليزية ) ، كيف يتم تعليمه ، وإن كان هناك كتب أو مواقع فأرجو منكم أن تدلوني إلى الصواب .
بماذا يبدأ في تعليم من أسلم حديثا ؟
السؤال: 104533
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
بداية نسأل الله تعالى أن يبارك في جهدك وعملك ، وأن يجعله في ميزان حسناتك ، ونسأله تعالى أن يوفق جميع المسلمين للعمل لهذا الدين.
ثم ننصحك أخي الكريم بالعناية بأمور مهمة في دعوة هذا الشخص إلى الإسلام وتعليمه أحكامه ، منها :
1- لا بد أن تبدأ معه بتعليمه معنى الشهادتين ؛ لأنها مفتاح الإسلام وخلاصته ، فتشرح له التوحيد الذي هو عز المسلم في الدنيا وفوزه في الآخرة ، حتى يتعلق قلبه بالله عز وجل ، فتعلمه أن العبودية المطلقة لله عز وجل ، وإسلام الوجه له يعني الانقياد لطاعته ، والتخلص من جميع قيود الهوى والشهوات .
ومن الكتب المفيدة في شرح هذه المعاني كتاب : ” تعريف عام بدين الإسلام ” للشيخ علي الطنطاوي .
2- وعليك بتوجيهه إلى كتاب الله تعالى ، وحثه على العناية به قراءة وتدبرا وتفكرا في معانيه ، فهو نور وهدى أنزله الله للناس ، يشرح به صدورهم ، ويثبت به نفوسهم ، وهو كله بركة وخير وأجر ، وله من الأثر في النفوس والقلوب ما يدركه كل من قرأه .
قال الله عز وجل : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) المائدة/15-16 .
فينبغي أن تُعَلِّمَه شيئا من القرآن الكريم ، وشيئا عن كيفية نزوله وعن سوره وآياته .
3- ثم تعلمه شيئا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، عن مولده ونشأته وبعثته ، وبداية دعوته إلى هذا الدين العظيم ، ثم هجرته إلى المدينة وتحمله كل بلاء في سبيل إيصال الهدى والخير إلى الناس ، ثم تبين له أن شخصه صلى الله عليه وسلم متمثل بين أيدينا اليوم في سنته وأحاديثه المروية الصحيحة ، فمن أراد أن يقرأ عن هذا الرسول الكريم من أوثق المصادر فعليه بصحيحي البخاري ومسلم ، وعليه بالقراءة في كتب السنة النبوية عموما ، وكتب السيرة ، ففيها شرح مفصل لحياته صلى الله عليه وسلم وهديه .
والكتب التي ننصح بها في هذا المقصد :
” مختصر صحيح البخاري ” للزبيدي ، ” مختصر صحيح مسلم ” للمنذري ، ” رياض الصالحين ” للنووي ، ” الرحيق المختوم ” للمباركفوري .
وكلها لها ترجمات إلى اللغة الانجليزية مطبوعة .
4- وعليك بتعليمه شيئا موجزا حول أركان الإسلام الخمسة : الشهادتين ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج . وشيئا موجزا عن أركان الإيمان الستة : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره .
فلو خصصت لهذا الأخ المسلم الجديد جلسات للحديث عن كل ركن من هذه الأركان ، والقراءة معه في بعض الكتب التي تتحدث عنها لكان مفيدا ونافعا جدا بإذن الله تعالى .
واحرص في تعليم هذه الأركان على عدم الخوض في التفاصيل الخلافية ، والاقتصار على المقاصد المهمة التي يتفق عليها جميع المسلمين ، مع تنبيهه إلى وجود خلاف في بعض التفاصيل ، لكنه ليس خلافا مذموما ، ولا تفرقا ونزاعا بين المسلمين والحمد لله ، بل هو خلاف نابع من طبيعة النصوص الشرعية ، ولحكمة أرادها الله عز وجل ، للمصيب فيها أجران ، وللمخطئ فيها أجر واحد .
ومن الكتب المفيدة في هذا : كتاب “ما لا يسع المسلم جهله” لكل من الدكتور عبد الله المصلح ، والدكتور صلاح الصاوي . فهو كتاب نافع في التعريف بمقاصد الإسلام المهمة وأحكامه الرئيسية .
5- وِلْتُخَصِّصْ جزءا من تعليمك له لبيان المحرمات في الإسلام ، ليعرف أن دائرة الحرام في الشريعة دائرة ضيقة محصورة ، وما سواها كله مباح حلال بإذن الله ، فينبغي أن يعرف الكبائر المتفق على حرمتها : الشرك ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين ، وغيرها ، وحبذا لو تَعَلَّمَ شيئا عن صغائر الذنوب ، كي يحذرها ويجتنبها أيضا ، خاصة أن المقبل إلى الإسلام يحمل من الصدق – في الغالب – ما يدفعه إلى الالتزام التام بأحكام الشريعة .
ويمكنك الاستعانة بكتاب ” الكبائر ” للإمام الذهبي ، فهو كتاب مفيد وجامع في بابه .
6- ومن المهم جدا أن تبين له أن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين المعاملة ، يحث على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ، ويعد حسن الخلق من أكثر ما يدخل الناس الجنة ، وأن الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ، فالصدق ، والأمانة ، والوفاء ، وحفظ العهد والوعد ، والعفو ، والجود ، والإحسان ، والرحمة ، وغيرها من الأخلاق ، كلها من صميم الدين وصلبه ، يجمع ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) رواه البخاري في “الأدب المفرد” (273) والحاكم في “المستدرك” (2/670) وصححه ووافقه الذهبي ، وحسنه الألباني في “السلسلة الصحيحة” (45) .
7- ومن أهم ما ينبغي عليك العناية في تعليمه أبواب الرقائق وأعمال القلوب ، والقلب كالزهرة إن لم يعتن المرء بها غلبتها الأشواك والأدران ، وجلاء القلب بتعلم عظمة الله تعالى ، وتنمية الخوف من عذابه ، ورجاء ثوابه ، وحبه سبحانه والشوق إلى لقائه .
ويتعلم المسلم أيضا الإخلاص والتوبة والخشوع والزهد والورع ، وتعظيم الحرمات ، والصبر والرضا والشكر واليقين والتوكل ، وهي كلها من العبادات القلبية المهمة التي تحتاج إلى عناية ورعاية ، وسيجد كل من يعتني بتحقيقها عظيم اللذة القلبية والسعادة الإيمانية ، ومن غفل عنها فقد غفل عن خير كثير .
وكتب العلامة ابن القيم تعلم أعمال القلوب ، وتنور بصيرة المسلم في هذه الأبواب ، ومن أهمها : ” مدارج السالكين ” غير أننا ننصح بقراءة تهذيبه للشيخ عبد المنعم العزي .
8- وأخيرا من المهم أيضا تعليمه شيئا عن بطلان الأديان الأخرى ، وخاصة الدين الذي كان عليه ، ليزداد يقينه بالإسلام الذي صار إليه ، وليحصن نفسه من أي شبهة تطرأ أو ترد ، ثم ينظر عظيم فضل الله عليه حين هداه إلى الإسلام والدين القويم .
هذه أفكار نظن أنها كافية في المساعدة على تعليم الإسلام ، وهي وإن بدت كثيرة طويلة شاقة ، إلا أنك تملك التحكم في طولها وقصرها ، فتستطيع أن تقتصر على المناسب للمتلقي ولك ، أو تطول إذا وجدت فسحة من العمر والوقت .
وإذا كان اختلاف اللغة بينك وبينه عائقا يحول دون تحقيق المقصود ، فليس هناك حل إلا أن تستعين بمن يترجم لكما ، كما يمكنكما استعمال الكتب والمواد السمعية والبصرية المترجمة إلى اللغتين : العربية والانجليزية ، ومنها على هذا الرابط :
http://saaid.net/book/list.php?cat=92
أو أن يبذل أحدكما جهده في تعلم لغة الآخر .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب