هل يجوز لي العمل في تجارة أضطَرُّ للتعاقد فيها واستلام المبلغ مسبقا قبل تسليم البضاعة ؟ أم يعد هذا من بيع الغرر ؟
مثال ذلك : أنا أعمل في تجارة العطور غالية الثمن ، فإني أطلب المبلغ كاملا قبل تسليم العطور ، بحيث أستخدم المبلغ في تغطية تكاليف شراء السلعة من بلد آخر والشحن ؟
يجدر بالذكر أني كتاجر محدود الإمكانيات لا أستطيع الدفع من حسابي الخاص ، ولا يقع أي حرج على عملائي إن لم أتمكن من توفير العطور ؛ لأني سأعيد ما أخذته من أموال ؟
يتعاقد على بيع العطور ثم يقوم باستيرادها
السؤال: 104727
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا النوع من البيوع يعتمده كثير من المستوردين في زماننا هذا ، يستوفون ثمن البضاعة المطلوبة قبل شرائها واستيرادها ، ثم يقومون بشرائها وتسليمها للعميل ، وقد دل على جواز هذا البيع : السنة وإجماع العلماء ، ويسمى “بيع السَّلَم” .
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ ، فَقَالَ : مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ) رواه البخاري (2240) ومسلم (1604) .
وبيع السَّلَم له شروط يجب الالتزام بها حتى يكون البيع حلالاً صحيحاً ، منها :
1- أن يُدفع الثمن مقدما كاملا ، ولا يؤخر منه شيء ، إذ لو تأخر الثمن أو أي جزء منه لكان العقد من بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، وقد نص العلماء على تحريمه .
2- تذكر صفات السلعة المبيعة : بذكر اسمها ، ونوعها ، ولونها ، وبلد صنعها وحجم عبوتها ومقدارها ، ونحو ذلك من الأوصاف المهمة التي تؤثر في الثمن ، حتى لا يقع نزاع بين البائع والمشتري فيما بعد ، عند تسلم السلعة ، أما الأوصاف غير المهمة ، والتي لا يهتم بها المشتري ، ولا تؤثر على ثمن السلعة فلا يجب ذكرها والاتفاق عليها .
3- أن يحدد موعد تسليم البضاعة ، كي يلتزم الطرفان به ، فلا يحدث نزاع بينهما . ودليل هذه الشروط حديث ابن عباس السابق : ( مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ).
وجاء في قرار “مجمع الفقه الإسلامي” (رقم/107) :
” عقد التوريد : عقد يتعهد بمقتضاه طرف أول بأن يسلم سلعا معلومة ، مؤجلة ، بصفة دورية ، خلال فترة معينة ، لطرف آخر ، مقابل مبلغ معين مؤجل كله أو بعضه .
– إذا كان محل عقد التوريد سلعة تتطلب صناعة ، فالعقد استصناع تنطبق عليه أحكامه . وقد صدر بشأن الاستصناع قرار المجمع رقم 65 (3/7) . وقد ذكرنا هذا القرار في جواب السؤال رقم (2146) .
– إذا كان محل عقد التوريد سلعة لا تتطلب صناعة ، وهي موصوفة في الذمة ، يلتزم بتسليمها عند الأجل ، فهذا يتم بإحدى طريقتين :
أ- أن يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد ، فهذا عقد يأخذ حكم السلم ، فيجوز بشروطه المعتبرة شرعا ، المبينة في قرار المجمع رقم 85(2/9) .
ب- إن لم يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد ، فإنَّ هذا لا يجوز ؛ لأنه مبني على المواعدة الملزمة بين الطرفين ، وقد صدر قرار المجمع رقم 40 و 41 المتضمن أن المواعدة الملزمة تشبه العقد نفسه ، فيكون البيع هنا من بيع الكالىء بالكالىء . [أي : بيع الدَّيْن بالدَّيْن، وهو محرم] .
أما إذا كانت المواعدة غير ملزمة لأحد الطرفين أو لكليهما فتكون جائزة ، على أن يتم البيع بعقد جديد أو بالتسليم . والله أعلم ” انتهى .
ثالثا :
إذا تم البيع بالشروط السابقة فقد لزم في حق كل من الطرفين ، فلا يجوز لأحدهما أن يرجع إلا برضا الآخر ، وثبتت البضاعة الموصوفة في ذمتك للمشتري ، ولو تلفت في طريق استيرادها فعليك ضمانها وتسليم مثلها في موعدها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة