لقد سمعت وقرأت الكثير من الأحاديث التي تذكر أن البناطيل (السراويل) يجب أن تكون فوق الكعبين . أنا أطبق هذه السنة , لكن ما هو الحكم إذا كان الأهل لا يريدون أن يفعل ابنهم ذلك ؟ لقد اختلط علي الأمر , فوالديّ يغضبان مني كثيرا إن أنا لبست البناطيل القصيرة , وإغضابهما هو من المعاصي الكبيرة . أرجو أن توضح لي القرار الذي يجب علي اتخاذه حيال ذلك , كما أرجو أن تأخذ في الحسبان أنه عندما أحصل على وظيفة إن شاء الله ، فقد يؤثر مثل هذا اللباس على الفرص المتاحة . أرجو أن تقول لي أيضاً متى يجب أن أسمع كلمة أهلي أو أتبع السنّة لأنني أجد نفسي في هذه المواقف دائماً.
أبواه مصرّان أن يسبل ثيابه
السؤال: 10534
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الإسبال هو إرخاء الثوب إلى ما تحت الكعبين وهو محرم ،لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ) رواه البخاري/5787 .
فإن قال قائل : أنا لا أُسبل ثوبي (أو البنطلون ) تكبراً ، بل من باب العادة ؟
فالجواب :
إن إسبال الثوب بحد ذاته عقوبته النار كما تقدم فإن أُضيف إلى الإسبال الكبر والخيلاء ، فالعقوبة أشد وأنكى وهي ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جرّ منها شيئاً خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة ) رواه أبو داوود (4085) والنسائي (5334) بإسناد صحيح .
ثانياً :
إذا علمت حكم الإسبال وأنه محرم فالواجب عليك وعلى كل مسلم الابتعاد عن المحرمات لاسيما كبائر الذنوب ولا يجوز ارتكاب المحرم لأجل إرضاء الناس ولو كان أحد والديك . لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف) رواه النسائي وأبو داوود وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم (3921) والسلسلة الصحيحة(181)
وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس ، ومن التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ) رواه الترمذي في كتاب الزهد رقم (2338) .
وأما خوفك من ضياع الوظيفة فاعلم بأن الأرزاق بيد الله ولن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقها .
وتذكر قول الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2-3 .
وهذا الخوف لا يُجيز لك فعل المعصية .
فإن قال قائل : لو اضطررت إلى فعل المحرم فهل يجوز لي فعله ؟
فالجواب :
أنه يجب التأكد أن الاضطرار حقاً حاصل فإذا وصل الأمر إلى الإكراه ، وصار الإنسان مضطراًً فعلاً جاز له أن يفعل ما تندفع به ضرورته .
مثال ذلك : أن يقول الأب لولده إذا رفعت ثوبك أو بنطلونك فوق الكعب فسأطردك من البيت ، والولد لا يجد له بيتاً آخر يسكن فيه وقد تيقن أو غلب على ظنه أن أباه سينفذ تهديده بالفعل فيجوز له أن يسبل ثوبه حتى يجعل الله له مخرجاً .
ثالثاً :
وأما قولك : " أنا أُطبق هذه السنة " . فاعلم أن رفع الثوب أو البنطلون فوق الكعب واجب وليس مجرد سنة وأما السنة فهي رفع الإزار إلى نصف الساق وهذه السنة الإنسان مخيرٌ فيها إن شاء عملها وإن شاء تركها لأن السنة في تعريف العلماء : " هي ما يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها " .
واعلم بأن الذي يُلبس إلى نصف الساق هو الإزار وأما الثوب فإنه لا يُلبس على هذه الصفة بل السنة فيه أن يكون من تحت نصف الساق إلى الكعبين ، وكذلك البنطلون يُلبس فوق الكعب . لقوله صلى الله عليه وسلم : " وَلا حَقَّ لِلْكَعْبَيْنِ فِي الإِزَارِ " رواه النسائي في كتاب الزينة رقم (3529) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم (4922)
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الشيخ محمد صالح المنجد