0 / 0

حكم التصفيق في الحفلات وغيرها

السؤال: 105450

ما حكم تصفيق الرجال في الحفلات أو المحاضرات إذا أعجبهم شيء ، أو أرادوا تحية المتكلم في المحاضرة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
لم يرد الشرع بالتصفيق في شيء من العبادات إلا للمرأة في الصلاة ، إذا حدث ما يقتضي التنبيه عليه ، لما رواه البخاري (684) ومسلم (421) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :  مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ .
فما يفعله بعض الصوفية في حلقاتهم وموالدهم من التصفيق عند الأذكار والأوراد ، لا شك أنه بدعة ضلالة ، وهو مشابه لفعل المشركين عند الكعبة ، قال الله تعالى:  وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً الأنفال/35.
والمكاء : الصفير . والتصدية : التصفيق .
ثانياً :
أما تصفيق الرجال في الحفلات ونحوها مما ليس عبادة ، فأقل أحواله الكراهة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم التصفيق في الحفلات ؟
فأجاب "التصفيق في الحفلات ليس من عادة السلف الصالح ، وإنما كانوا إذا أعجبهم شيء سبحوا أحيانا ، أو كبروا أحيانا ، لكنهم لا يكبرون تكبيرا جماعيا ، ولا يسبحون تسبيحا جماعيا ، بل كل واحد يكبر لنفسه ، أو يسبح لنفسه ، بدون أن يكون هناك رفع صوت ، بحيث يسمعه من بقربه ، فالأولى الكف عن هذا أي التصفيق ، ولكننا لا نقول بأنه حرام لأنه قد شاع بين المسلمين اليوم ، والناس لا يتخذونه عبادة ، ولهذا لا يصح الاستدلال علي تحريمه بقوله تعالى عن المشركين : (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) فإن المشركين يتخذون التصفيق عند البيت عبادة ، وهؤلاء الذين يصفقون عند سماع ما يعجبهم أو رؤية ما يعجبهم لا يريدون بذلك العبادة .
وخلاصة القول أن ترك هذا التصفيق أولى وأحسن ولكنه ليس بحرام" انتهى .
ينظر موقع الشيخ ابن عثيمين على الانترنت
وذهب بعض العلماء إلى تحريمه ، لما فيه من مشابهة المشركين ، والنساء .
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" : "قوله : (إنما التصفيق للنساء) يدل على منع الرجال منه مطلقاً" انتهى.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ما حكم التصفيق للرجال في المناسبات والاحتفالات ؟ .
فأجاب :
التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية ، وأقل ما يقال فيه الكراهة ، والأظهر في الدليل تحريمه ؛ لأن المسلمين منهيون عن التشبه بالكفرة ، وقد قال الله سبحانه في وصف الكفار من أهل مكة: وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً الأنفال/35 .
قال العلماء المكاء الصفير ، والتصدية التصفيق .
والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول : سبحان الله أو يقول : الله أكبر ، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ، ويشرع التصفيق للنساء خاصة إذا نابهن شيء في الصلاة أو كن مع الرجال فسهى الإمام في الصلاة ، فإنه يشرع لهن التنبيه بالتصفيق ، أما الرجال فينبهونه بالتسبيح كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا يعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبه بالكفرة وبالنساء وكل ذلك منهي عنه . والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (4/151) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد :
"لا يُشرع التصفيق في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة : وهو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته ، فإنه يستحب لمن اقتدى به تنبيهه : فالرجل ينبه الإمام بالتسبيح ، والمرأة تنبه الإمام بالتصفيق ؛ وهذا لثبوت السنة به عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ) .
ثم حدث في الأمة التعبد بالتصفيق لدى بعض المبتدعة عند قراءة الأذكار ، والأوراد ، والأحزاب ، وفي الموالد ، والمدائح في البيوت ، والمساجد ، وغيرها ، ويظهر أنه منذ القرن الرابع ، فإن الحافظ عبيد الله بن بطة المتوفي سنة 387 أنكر عليهم ذلك ، وقد تتابع إنكار العلماء عليهم ، وتهجينهم ، وتبديعهم ، فمن الذين لهم مقام صدق في ذلك الحافظ ابن الجوزي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وغيرهم ، قديماً ، وحديثاً ، مقررين بالإجماع : أن التعبد بالتصفيق : بدعة ضلالة ، وخروج على الشرع المطهر ، فيجب اجتناب التعبد به ويجب منعه .
ثم في أثناء القرن الرابع عشر تسلل إلى المسلمين في اجتماعاتهم واحتفالاتهم ، التصفيق عند التعجب ؛ تشبهاً بما لدى المشركين من التصفيق للتشجيع ، والتعجب .
وإذا كان التصفيق في حالة التعبد : بدعة ضلالة ، كما تقدم ، فإن اتخاذه عادة في المحافل ، الاجتماعات ؛ للتشجيع ، والتعجب ، تشبه منكر ، ومعصية يجب أن تُنكر ، وذلك لما يلي :
معلوم أن هدى النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب ، هو الثناء على الله تعالى وذكره بالتكبير ، والتسبيح ، والتهليل ، ونحوها ، والأحاديث في هذا كثيرة شهيرة في كتاب السنة ، ترجم لبعضها الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه فقال : "باب التكبير والتسبيح عند التعجب " ، وأدخلها العلماء في كتب الأذكار منهم النووي رحمه الله تعالى في : "كتاب الأذكار" فقال : "باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوها" ، وعلى هذا الهدي المبارك درج سَلَفُ هذه الأمة من الصحابة رضي الله عنهم فمن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا والحمد لله ، وفي هذا استمرار حال المسلم بتعظيم الله ، وتمرين لسانه على ذكر الله تعالى .
إذا عُلِمَ ذلك ، فإنه لا نعلم من المرويات عن المقتدى بهم من أئمة الهدى ، التَّصْفِيْقَ في مثل هذه الحال ، فضلاً عن ورود شيء من ذلك في السنة ، وعليه ، فإن التصفيق في احتفالات المدارس ، وغيرها : إن وقع على وجه التعبد ، فهو بدعة محرمة شرعاً ، لأن التصفيق لم يتعبدنا الله به ، وهو نظير ما ابتدعه بعض المتصوفة من التصفيق حال الذكر والدعاء ، كما تقدم .
وإن وقع التصفيق المذكور على وجه العادة ، فهو منكر محرم ؛ لأنه تشبه (بالكفار) .
ولا نعرف دخول هذه العادة في تاريخ المسلمين إلا في أثناء القرن الرابع عشر ، حين تَفَشَّى في المسلمين كثير من عادات الكافرين والتشبه بهم .
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : "والتصفيق منكر ، يطرب ، ويُخرج عن الاعتدال ، وتنزه عن مثله العقلاء ، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من : "التصدية" وهي التي ذمهم الله عز وجل بها فقال (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) الأنفال/35 ، فالمكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ، ثم قال : وفيه أيضاً تشبه بالنساء ، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار ، إلى أفعال الكفار والنسوة" انتهى .
فعلى العبد المسلم أن يتقي الله فيما يأتي ويذر ، وأن يتثبت فيما ينسبه إلى الشرع المطهر" انتهى من "تصحيح الدعاء" (ص 86-89 ) باختصار .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android