أرجو منكم قراءة رسالتي هذه ، وإرسال الجواب بأسرع وقت ؛ لأنني تعبت وأنا أبحث عن مواقع الفتوى ، وإرسال الرسائل ، وانتظار الجواب ، وكل المواقع التي راسلتُها لم ترد لي الجواب , فتغيرت نظرتي تجاه تلك المواقع ، وعندما قرأت بعض الفتاوى في موقعكم هذا ارتحت له كثيراً وأصبحتُ يوميّاً أقرأ بعض فتاواكم ، فهي تريحني ، ووجدت فيها الكثير من الأجوبة الشافية لبعض أسئلتي ، أرجو منكم إيجاد حل لكل أسئلتي فهي لا تدعني أنام ، وأنا بأمسّ الحاجة للجواب الشافي ؛ لأنني جدّاً متعب ، ومشرد الذهن ، وأنا أخاف أن أقع في الخطأ الذي أحاول الابتعاد عنه كل الابتعاد .
قصتي هي أنني كنتُ في بلد أجنبي للدراسة ، وأنتم تعرفون كيف يعيش المجتمع الغربي ، كي لا تطول القصة أكثر : أنا ارتكبت الفواحش : مِن شرب خمر ، وزنا ، وأفطرت شهر رمضان ، وارتكبت الزنا في شهر رمضان ، وأخطائي كانت كثيرة ، والحمد لله الذي هداني للتوبة التي نوَّرت لي حياتي ، ونقلتني من الظلمات إلى النور ، توبتي كانت في شهر رمضان ، وكانت تسكن معي فتاة أجنبية ، ديانتها مسيحية ، وعندما رأتني هذه الفتاة تائباً أقرأ القرآن ، وأصلي ، وأصوم ، بدأت هذه الفتاة الاقتراب إلى الإسلام ، وفي العاشر من رمضان أسلمت هذه الفتاة ، وارتدت اللباس الشرعي ، والحجاب ، وبدأت تتعلم القرآن ، وتصلي الفرض ، والسنَّة ، وتصوم ، ودرست السيرة النبوية ، والكثير من الدروس في الإسلام ، ولقد تزوجتها في أول يوم أشهرت فيه إسلامها ، وعشنا أجمل أيام حياتنا ، وذات يوم عرفتُ حقيقةً مرَّة غيَّرت مسار حياتي ، وأصبحتُ دائم الهم والحزن ، عرفت تاريخ هذه الفتاة ، وكان تاريخها كأي تاريخ فتاه أجنبية ( الحرية والخيانة )عرفت منها أنها كانت قد خانتني أكثر من مرة ، هي خانتني ، ولكن قبل أن تسلم ، وقبل أن أتزوجها ، ولكن كونها أصبحت زوجتي ، وكوني عربيا : لا أستطيع نسيان الماضي ، وأنا خنت ديني ، وربي ، وابتعدت عن الإسلام ، وأنا مسلم منذ ولدتني أمي ، هي لم تكن تعرف شيئاً عن الإسلام ، وأنا كنت أعرف الكثير عن الإسلام ، هي أفضل مني بكثير أليس كذلك ؟ والإسلام يجبّ ما قبله ، والتائب من الذنب كما لا ذنب له ، أنا أحترمها وأقدِّرها جدّاً لأنها أسلمت عن يقين ، وهي تبكي كثيراً ، خصوصاً عند قراءتها للقرآن ، والأحاديث النبوية ، هي كانت قد أخطأت ، ولم تكن على علم بالإسلام ، وأنا أخطأت وكنت أعرف أن الزنا من الكبائر ، وأن الله شديد العقاب ، ولكن الإنسان معرَّض للخطأ ، ويبقى تفكيره محدوداً ، والذي يضايقني عندما عرفت حقيقة الماضي : انفعلتُ ، وغضبتُ جدّاً جدّاً ، وطلقتها مرة ، وبعد يومين : انفعلت وضربتُها ، وغضبتُ جدّاً ، وطلقتها ثانية ، وكثرت المشاكل بيننا ، وكثر غضبي ، وأنا عندما أغضب أصبح كالمجنون ، لا أفكر ، ولا أفهم ما أقول ، وكل ما أقوله يخرج بشكل عفوي ، وفي المرتين راجعتها بعد الاستفسار والسؤال ، وبعد مرور عدة أيام حصلت بيننا مشاحنة وصلت إلى الضرب ، وهي أهانتني ، والبادئ كان أنا ، وطلقتها ثالثة ، وبعد كل المرات التي حصل فيها الطلاق كنت أندم ، وأبكي ، وأشفق عليها ؛ لأن هذه الفتاة بعد إسلامها أصبحت جدّاً صالحة ، وكنت أخاف عليها من الضياع ، ولكن الغضب والشيطان جعلوني أرتكب الأخطاء ، وبعد طلاق المرة الثالثة صليت ركعتين ، وبكيت ، ودعوت الله تعالى إذا وقع الطلاق بأن أبتعد عنها مباشرةً ، وإن لم يقع بأن أراجعها بأسرع وقت ، وهذا الذي حدث ، راجعتها في تلك الليلة بتيسير من الله ، وأنا قرأت أن طلاق الغضبان لا يقع ، وعندما انتهت دراستي رجعت إلى بلدي ، وكنت وعدتها أن أفاتح أهلي بالموضوع لكي تلحق بي ، ولكن هنا الوضع مختلف ، ووجدت الفرق الكبير بين الفتاة العربية التي لم يلمسها أحد قط ، وبين الأجنبية التي نامت مع الكثير من قبلي ، وهذا الشيء يضايقني بشكل كبير ، وأحياناً أفكر بتركها ، ولكن أخاف الله ؛ لأني كنت مثلها ، وهي أصبحت الآن أفضل مني ، والآن عقلي وفكري دائما مشغول بالمقارنة بين العربية والأجنبية ، وأهلي لم يقبلوا بزواجي ، وبدأت أسألتهم لي : من هي ؟ هل هي كانت فتاة قبل أن أتزوجها ؟ قلت : نعم وهي لم تكن كذلك ، أنا تزوجتها لأنها أسلمت ، وأحسنت إسلامها , وتزوجتها لإرضاء الله تعالى ، ولكي أكفِّر عن ذنبي ، وهي الآن بانتظار دعوتي لها ، وهي تتمنى أن تصوم شهر رمضان في بلدي المسلم ، أهلي رافضون ، وأنا أريد أن تلحق بي لكي لا تضيع هناك ، وهي إنسانة رائعة الأخلاق ، وخصوصاً بعد إسلامها ، أصبحت المرأة الأولى الملتزمة بالدين الإسلامي في نظري ، أنا الآن أتعذب جدّاً ، عندما أتذكر تاريخها وتاريخي وأنا أقول في نفسي إن هذه الفتاه بعثها الله لي كفارة للتكفير عن ذنوبي الكثيرة .
– هل الطلاق وقع ؟ وإذا وقع هل يحق لي إرجاعها للحفاظ عليها من الضياع والوحدة في البلاد الفاسقة ؟ .
– ماذا يجب عليَّ فعله ، البقاء مع زوجتي الأجنبية المسلمة حديثاً أم الزواج من فتاة عربية مسلمة ؟ .
– ماذا أفعل مع أهلي ؟ هم يريدون أن أطلقها ، وإذا طلقتها لإرضائهم : هل هذا حرام ؟ .
– هل الزنا دين في رقبتي وسيأتي يوم أدفع ثمنه ؟ .
وكيف لي أن أنسى ماضيها الذي يأكل ويشرب وينام ويستيقظ معي وأعيش معها كزوجين مسلمين ؟ .
أرجو إرسال أدلة تساعدني في ذلك ، أرجو منكم كل الرجاء إرسال الجواب الشافي الذي انتظره منذ زمن ، ولكي لا يخيب ظني بهذه المواقع التي أنشأت لمساعدة المسلمين ، وخصوصا التائهون ، الضائعون مثلي ، المحتاجون للمساعدة ، ولو حتى بنصيحة ( الغريق يتعلق بقشة ) إذا انتم لن تساعدوني فإلى أين أذهب يا علماء المسلمين ؟ .
عاش معها بالحرام فتاب وأسلمت وتزوجها ويريد أهله أن يطلقها
السؤال: 106770
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
إننا وإن كنا نرجو أن نكون عند حسن ظنك : إلا أنه لا يسرنا أن تكون لك نظرة سلبية تجاه مواقع الفتوى الأخرى لأهل السنَّة ، ونحب منك أن تحسن الظن بالقائمين عليها ، وأن تعذرهم ، ولو أنك ترى كمية الأسئلة التي ترد لنا ولهم لعذرتنا ، ولست وحدك من يطلب التعجل في إجابته ، ولا يمكن تحقيق رغبة كل سائل في هذا الباب ، فالعذر لنا ولإخواننا في المواقع الأخرى قائم ، والكريم هو الذي يَعذر غيره .
ثانياً:
ما حصل معك في ذلك البلد الأجنبي يؤكد ما نقوله دوماً أنه لا يجوز السفر إلى تلك البلاد إلا بقيود وضوابط ، وبخاصة إذا كان المسافر شابّاً أو شابَّة في مقتبل العمر ، وفي فورة شهوتهم ، وعلى الآباء والأمهات أن يعلموا أن أحوال أولادهم في تلك البلاد غالباً ما تكون مؤسفة ، من البعد عن الدين ، والفعل للفواحش ، والتخلي عن السلوك المستقيم ، وهم في النهاية من يدفع ضريبة هذه المخالفات الشرعية .
فالواجب على الآباء والأمهات أن يتنبهوا لأولادهم ، وأن لا يكون حرصهم على تعليمهم على حساب دينهم وسلوكهم .
ثالثاً:
نهنئك على توبتك ، ونحمد الله أن أنقذك من الكفر والفسوق والعصيان ، وكم يتخبط غيرك في ظلمات الجهل والمعصية ، وكم يغرق غيرك في أوحال الآثام ، وكم يتردى غيرك من قمم الأخلاق وأعالي الفضائل ، فالواجب عليك العض على شجرة التوبة ، والتمسك بحبال التقوى ، وإياك والتفريط والرجوع إلى سالف الحال ؛ فإنك في نعمة حُرمها كثيرون ، فلا تكفر النعمة بترك طريق التوبة .
رابعاً:
ونهنئ أختنا على إسلامها ، ونحمد الله أن وفقها وهداها للإسلام ، وهي لا شك تعلم الآن عِظَم الفرق بين حالها أولاً وحالها الآن ، وتعلم الفرق بين أن يكون الإنسان كافراً وبين أن يكون مؤمناً ، وتعلم الفرق بين حال قلبها أولاً من حيث الضيق والضنك ، وبين حال قلبها الآن من حيث السعة والانشراح ، فنسأل الله أن يزيدها هدى وتوفيقاً ، وأن يجعلها هادية مهديَّة .
خامساً:
إن الذي يعيش بعيداً عن الهداية والرشاد يتخبط في القول والفعل والفكر ، ويلتزم منهجاً لا يرضى به إلا شياطين الإنس والجن ، ويعيش على مبادئ لا توافق نصّاً صحيحاً ، ولا تلتقي مع عقلٍ صريح ، وخذ على ذلك مثالاً مصطلح ” الخيانة ” ! فإنه عند هؤلاء معناه أن يخون العشيق عشيقته ، والعكس ! فقد تكون المرأة ذات زوج ، وتخون زوجها مع عشيقها ، ثم إذا رأت ذلك العشيق مع امرأة أخرى : بكت ، وناحت ، وأهانته ، وقد تضربه ! لماذا ؟ لأنه خانها !! وكأنها لم تخن زوجها ، وكأنه لا عتب عليها ، بل جعلت العتب على ذلك العشيق الخائن ! فأي مبادئ يعيش عليها هؤلاء ؟ وأي منطق يسيرون عليه ؟ .
وإن تأسف فاجعل أسفك على المسلم الذي لا يعرف خيانة الله ، ولا خيانة رسوله ، ولا خيانة دينه ، وراح يحصر الخيانة بخيانة محبوبته وعشيقته ! وهو يمارس معها كبيرة من كبائر الذنوب ، وهو الذي خان الله ورسوله ودينه من قبلُ .
وأنت أخي السائل :
تلوم امرأة كانت تنام معك ومع غيرك وهي كافرة ! ولم تلُم نفسك أنك فعلت ما لا يحل لك وأنت تزعم الإسلام وتنتسب إليه ؟! .
تلوم امرأة أسلمت وحسُن إسلامها كانت على الفجور والفواحش وهي كافرة ؟! .
إن موقفك أضعف ما يكون ، وليس لك وجه في الإنكار والعتب والملامة ، لا وهي كافرة ، ولا وهي مسلمة ، فهي عندما كانت كافرة كان كفرها أعظم من كل ذنبٍ فعلته ، وهي عندما كانت كافرة ليس ثمة شيء يردعها عن فعل الفواحش والمنكرات .
وهي عندما أسلمت فإن إسلامها كفَّر عنها ذنوبها وآثامها ، فأي وجه لك في الإنكار عليها كافرة أم مسلمة ؟! .
روى مسلم ( 121 ) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ ، قَالَ : فَقَبَضْتُ يَدِي ، قَالَ : ( مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ ) قَالَ : قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ ، قَالَ : ( تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ ) قُلْتُ : أَنْ يُغْفَرَ لِي ، قَالَ : ( أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ) .
وروى البخاري ( 4436 ) ومسلم ( 174 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا ، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا ، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَلَ : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ) ، وَنَزَلَتْ : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) .
فهؤلاء من أهل الشرك قتلوا وأكثروا القتل ، وزنوا وأكثروا الزنا ، وانظر ماذا أنزل الله تعالى لهم ، أنزل لهم أن سيئاتهم تبدَّل حسنات ، وفي الحديث السابق بين أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، فأي عذرٍ لك بعد هذا في محاسبتها على شيء فعلته في جاهليتها ؟!
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا صدق الإنسان في توبته من ذنبه ، ولو كان شركاً بالله ، أو زناً ، أو قتلاً ، أو أكل مال بالباطل ، وندم على ما مضى من ذنبه ، ورد الحقوق إلى أهلها أو سامحوه ، وأتبع ذلك عملاً صالحا : تاب الله عليه ، وغفر ذنبه ، بل يبدل سيئاته حسنات ، قال الله تعالى في صفة عباده الصالحين : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/ 68 – 71 ، وقال : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/ 38 ، وقال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 ، وقرر قول يعقوب لبنيه : ( وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) يوسف/ 87 ، إلى غير ذلك من الآيات وما في معناها من الأحاديث التي وردت في الحث على التوبة والرجاء في رحمة الله ومغفرته ، وإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها ، أو حالة الاحتضار ومعالجة سكرات الموت .
فعلى من ارتكب ذنباً أن يتوب إلى الله ، ويندم على ما مضى ، ويرد الحقوق لأربابها ، أو يستبيحهم منها ، ويظن بالله خيراً ويرجو رحمته ، وإن كان ذنبه أكبر الذنوب فرحمته سبحانه أوسع ، ومغفرته أشمل ، وعليه أن يستتر بستر الله رجاء أن يستره الله ، ولا يفضحه ، والله المستعان .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 24 / 296 ، 297 ) .
فلم يكن ثمة داعٍ لانفعالك وغضبك وضربك لها بعد أن عرفت عنها ما عرفت ، فقد أسلمت ، وطلَّقت دينها وتاريخها ، فلأي شيء يتم محاسبتها على جاهليتها ، وبخاصة أنك أنت جزء من تاريخها ؟! وفعلك أنت أقبح من فعلها ، حيث كنت تنتسب إلى الإسلام الذي يحرِّم عليك أفعالك تلك ، وهي لم تكن تنتسب لدينك الذي ينهاها عن أفعالها ، بل رضيتَ بها على عاداتهم وتقاليدهم ، وهي لم تخالف في ذلك ! .
سادساً:
الذي يظهر لنا من خلال كلامك عنها أنها أسلمت وحسن إسلامها ، ولعلَّها أن تكون خيراً منك في جوانب كثيرة ، فالواجب عليك بعد أن رضيتها زوجة أن تحسن معاملتها ، وأن تقوي عزيمتها ، وأن تقف بجانبها ناصراً ومؤيداً ومعيناً .
سابعاً:
بخصوص طلاقكِ لها : يجب عليك مراجعة من تثق به من أهل العلم لإيقافه على حقيقة حالكِ عندما صدر منك الطلاق ، فإن الغضب درجات ، وليس كل الغضب يقع معه الطلاق ، ولا كله لا يقع معه الطلاق .
عَنْ عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ ) .
رواه أبو داود ( 2193 ) وابن ماجه ( 2046 ) ، وحسَّنه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –
والإغلاق معناه : أنه يُغلق على الإنسان حتى يفعل الشيء بدون إرادة .
” لقاءات الباب المفتوح ” ( 130 / السؤال رقم 20 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
ويقع الطلاق من الغضبان الذي يتصور ما يقول ، أما الغضبان الذي أخذه الغضب ، فلم يدر ما يقول : فإنه لا يقع طلاقه .
” الملخص الفقهي ” ( 2 / 308 ) .
وينظر تفصيل حكم طلاق الغضبان في أجوبة الأسئلة : (22034 ) و (45174 ) و (6125 ) و (72439 ) .
فإن كان وقع طلاقك لها في المرات الثلاث السابقة : فقد حرمت عليك ، ولا يحل لك إرجاعها لعصمتك إلا بعد أن تتزوج هي زواج رغبة من آخر فيدخل بها ، ثم يفارقها بطلاق أو موت ، وإن لم تقع إحدى الطلقات الثلاث : فإنه يتبقى لك باقيها ، ولك أن ترجعها لعصمتك ، ومعرفة ذلك تتم بلقائك من تثق بعلمه ودينه لتطلعه على تفصيل ما حصل منك في تلك المرات .
ثامناً:
الذي ننصحك به تجاه تلك الزوجة – إن كنت لا تزال لها زوجاً – : أن تسعى لإحضارها لبلدك ؛ لتخلصها من بيئة الكفر والفساد التي تعيش فيها الآن ، ولكن على شرط أن تعاهد نفسك على الإحسان لها ، وأن تعاشرها بالمعروف ، وأن لا تعيرها بتاريخها قبل الإسلام ، وأن لا يكون لما عرفته عنها أثر عليك ، فإن كنتَ تستطيع فعل ذلك : فأحضرها لبلدك ، وكوِّن معها أسرة إسلامية ، وإلا فدعها في بلدها ، لعلَّ الله أن يرزقها خيراً منك ، ولعلَّ الله أن يرزقك خيراً منها .
تاسعاً:
أما بخصوص طلب أهلك منك أن تطلقها : فلا يجب عليك طاعتهم في هذا ، وعلى أهلك أن يتقوا الله في التفريق بينك وبين زوجتك ، وإذا أصررت على بقائك زوجاً لها : فإنك لا تكون عاقّاً لوالديك .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 47040 )
عاشراً:
وأما سؤالك : ” هل الزنا ديْنٌ في رقبتي وسيأتي يوم أدفع ثمنه ؟ ” : فالجواب : إن كنت صدقت التوبة مع الله عز وجل ، كما قلت عن نفسك ، فعسى ألا يكون ديْناً ، وألا تؤاخذ به ؛ وقد سبق بيان الوعد للتائبين بمغفرة الذنوب ، وتبديلها حسنات .
ونسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك ، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان ، وأن يهديك لما فيه صلاح حالك .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة