أنا أصغر أربعة إخوة ، أبي مات حينما كنت أدرس في الخارج ، وترك الكثير من الأملاك ، وبعض الديون التي مطلوب سدادها ، رجعت إلى بلدي وفوضت أخي الأكبر مثلما عملت أختاي ، لكي يستطيع بيع بعض من الأملاك التي ورثناها ويصفي الدين ، استغل أخي هذا وباع كل ما نملك ولم يسدد الدين ، كان يشرب الخمر ويقامر ، وترك والدته وعائلته من زوجة وأولاد ليعاشر امرأة أخرى تزوجها فيما بعد ، الآن كل ما بقي للعائلة هو بيت واحد ، جزء منه ملك والدتي ، والباقي ملك الإخوة ، والآن سؤالي هو :
عندما نقسم الأسهم في ذلك البيت ، هل ينبغي أن نعطي أخي الأكبر نصيبه من التركة بحسب الشريعة ، مع ما قام به من بيع إرثنا مع أننا وثقنا به ، وإذا لم نعطه ، هل جائز أن نعطي نصيبه لزوجته الأولى والأطفال الثلاثة ، الرجاء الانتباه إلى أن زوجته الأولى لا تزال في نكاحه ، وهو لم يطلقها ، وليس لديه أطفال من الزوجة الثانية التي يعيش معها ؟
هل يقسمون لأخيهم الذي أكل حقوقهم من تركة والدتهم؟
السؤال: 114336
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كان هذا هو الواقع ، وأن هذا الأخ أكل أموالكم بالباطل ، فلا حرج عليكم من أخذ نصيبه في هذا البيت وعدم إعطائه لكم ، إذا كان نصيبه في البيت بمقدار حقكم أو أقل منه ، أما إذا كان أكثر من حقكم فإنكم تأخذون حقكم وتردون إليه الباقي .
قال الفقيه محمد بن عبد الله الخرشي المالكي رحمه الله :
” هذه المسألة تعرف بمسألة الظفر ، والمعنى أن الإنسان إذا كان له حق عند غيره ، وقدر على أخذه ، أو أخذ ما يساوي قدره من مال ذلك الغير ، فإنه يجوز له أخذ ذلك منه ، وسواء كان ذلك من جنس شيئه ، أو من غير جنسه ، على المشهور ، وسواء علم غريمه أو لم يعلم ، ولا يلزمه الرفع إلى الحاكم .
وجواز الأخذ مشروط بشرطين :
الأول : أن لا يكون حقه عقوبة , وإلا فلا بد من رفعه إلى الحاكم ، وكذلك الحدود ، لا يتولاها إلا الحاكم .
والثاني : أن يأمن الفتنة بسبب أخذ حقه ، كقتال ، أو إراقة دم ، وأن يأمن من الرذيلة ، أي أن ينسب إليها كالغصب ، ونحوه , فإن لم يأمن ذلك فلا يجوز له أخذه .”انتهى. ” شرح مختصر خليل ” (7/235)
وقال العز بن عبد السلام رحمه الله :
” إذا ظفر الإنسان بجنس حقه بمال مَن ظلمه فإنه يستقل بأخذه …. ولو كان بغير جنس حقه جاز له أخذه وبيعه ثم استيفاء حقه من ثمنه ” انتهى. ” قواعد الأحكام ” (2/176) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ” لدينا خادمة ، ووالدي لا يدفع لهذه الخادمة راتبها ؛ فهل آخذ شيئاً من ماله بدون علمه وأدفعه للخادمة علماً بأنه قادر ؟
فأجاب :
“قد يكون فعله هذا خوفاً من أن تهرب أو ما أشبه ذلك ، أو يريد حفظه لها ليدفعه لها دفعة واحدة عند سفرها ، حيث إنها لا تحتاج إليه في هذه المدة ، وأنت عليك أن تستفصل منه عن السبب الذي لأجله منعها ، ومعلوم أنه يحرم تأخير أجرة الأجير ، ورد في الحديث : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) , وورد أيضاً وعيدٌ شديدٌ في الثلاثة الذين يعذبهم الله ، ومنهم: ( رجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره )
وإذا رأيت أنه لا يعطيها ، وأنه يمنعها ولا يريد المصلحة لها ، فعليك أن تعطيها أجرتها من ماله، ولو لم يعلم بذلك ” انتهى.
” شرح أخصر المختصرات ” للشيخ ابن جبرين على الشاملة .
وانظر جواب السؤال رقم (27068) .
كما لا يجب عليكم دفع حصته إلى زوجته الأولى وأطفاله ، فإن المال مال أخيكم ولكم فيه حق ، وإذا دفعتم إليهم هذا المال أو جزءاً منه فهذا إحسان وتصدق منكم إليهم ، والله تعالى يجزي المتصدقين .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة