0 / 0

لها صاحبة متبرجة وأمها تنهاها عن مصاحبتها ، فهل تطيع أمها ؟

السؤال: 114787


لي صديقه من أيام الثانوي ، وهي غير محجبة ، وأنا محجبة ، ونصحتها كثيراً بالحجاب ، لكنها لا تريد لبسه ، ونحن الآن في الجامعة ، ولكن أمي ترفض الآن أن أخرج معها ، أو أمشي معها ؛ لأنها ترتدي لبساً ضيِّقاً ؛ ولا ترتدي الحجاب ، وتقول لي : أني لو مشيت معها سأكتسب ذنوباً مثلها ، فهل هذا صحيح ؟ وإني أحبها ، ولا أستطيع أن أبتعد عنها ، وأنا الآن كل علاقتي بها أني أطمئن عليها في الهاتف فقط ، وأدعو لها بالهداية ، فما الحل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ليس هناك مشكلة حتى تطلبي لها حلّاً ، فما تقوله أمك صحيح ، ويجب عليك طاعتها ، فأصبح الوجوب عليك من جهتين : من جهة الشرع ، ومن جهة الوالدة .
ولا شك أن المسلم يتأثر بصاحبه ، وخاصة إن كان يحبُّه حبّاً شديداً ؛ فحبُّه ذاك يجعله يتغاضى عن معاصيه وذنوبه ، ويمشيها له ، ويجعله محط إعجاب ليقلَّد حتى في مشيته ، وهو مشاهد كثيراً ، ولا يُنكره أحد .
ثم إن من مفاسد مشيتك مع تلك الصاحبة المتبرجة : أنك تكونين محط نظر السفهاء ، والذئاب من البشر ، والذين سيحكمون عليك بمثل ما يحكمون على صاحبتك ، فتبرجها الصارخ يدعو الشباب للتأمل والتمتع بمفاتنها ، وأنتِ رضيتِ بصحبة من هذه حالها ، فكيف سينظر إليك أولئك الذئاب ؟! .
واعلمي أن هذه الصحبة ستنقلب عداوة يوم القيامة ؛ لأنها لم تكن على شرع الله وطاعته .
قال الله تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف/ 67 .
قال القرطبي رحمه الله : ” قوله تعالى : ( الأخلاء يومئذ ) يريد : يوم القيامة .
( بعضهم لبعض عدو ) أي : أعداء ، يعادي بعضهم بعضاً ، ويلعن بعضهم بعضاً .
( إلا المتقين ) فإنهم أخلاء في الدنيا ، والآخرة ” انتهى . ” تفسير القرطبي ” ( 16 / 95 ) .
وقال ابن كثير رحمه الله في ” تفسير ابن كثير ” ( 7 / 237 ) : ” أي : كل صداقة ، وصحابة لغير الله : فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة ، إلا ما كان لله عز وجل ، فإنه دائم بدوامه ” انتهى .
فالواجب على المسلم أن ينأى بنفسه عن رفقاء السوء ، والواجب على المسلم اختيار الرفقة الصالحة التي تدله على الخير ، وتعينه على طاعة ربه تعالى ، وقد قيل : ” أخبرني من تصاحب : أخبرك من أنت ” .
وقد قال عدي بن زيد :
عَنِ الْمَرْءِ لا تَسْأَلْ وأبْصِرْ قَرِينَهُ … فَإنَّ الْقَرِينَ بِالمُقَارِنِ مُقْتَدِ
ويكفي المسلم رادعاً له في الصحبة الفاسدة ما جاء في السنَّة النبوية من التحذير منها :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً ) .
رواه البخاري ( 1995 ) ومسلم ( 2628 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ” صحبة الأخيار : من أفضل القربات ، ومن أعظم أسباب السعادة ، أما صحبة الأشرار من الكفار ، والمجاهرين بالمعاصي : فلا تجوز ، وهي من أسباب سوء الخاتمة ، ومن أسباب الوقوع في مثل أخلاقهم ، وأعمالهم …
فالواجب على المؤمن أن يجتهد في صحبة الأخيار ، ويحذر صحبة الأشرار ، ولا تجوز طاعة الوالدين ولا غيرهم في صحبة الأشرار ، ولا في ترك صحبة الأخيار ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الطاعة في المعروف ) ؛ وقوله عليه الصلاة والسلام ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ” انتهى . ” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 206 ، 207 ) .
وننبه إلى أن قول والدتك حفظها الله : إنك ستكتسبين آثاماً مثل تلك الصاحبة : قول بعيد عن الصواب ، وإنما عليك إثم المصاحبة المنهية عنها ، إلا أن تكوني راضية بفعلها ، وحاشاك ذلك ؛ فقد ذكرتِ أنك تقومين بنصحها ، وتذكيرها ، فالمشي معها لا يجوز ، وصحبتها فيها شرٌّ لك ولأسرتك ، عدا عن مخالفتك لأمر والدتك ، ويكفيك الاتصال بها هاتفيّاً ، مع التوكيد على ضرورة الاستمرار في وعظها ، وتخويفها بالله تعالى ، فلعل الله أن يهديها ، ويكتب لك أجرها .
ولمزيد فائدة نرجو النظر في أجوبة الأسئلة : (21918 ) و (10231 ) و (11266 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android