0 / 0
22,02529/11/2011

اختراق البريد الإلكتروني وسرقته ، أنواعه ، وأحكامه

السؤال: 114836

انتشر في الوقت الحاضر ظاهرة سرقة الإيميل ، فما حكم الشريعة فيه ؟ وما الوسيلة للتوبة من هذا الشيء ؟ وهل يجوز سرقت إيميلات اليهود والكفار ؟ وهل يجوز سرقة إيميل أحد الأصدقاء إذا علمت أنه يُستخدمه في المحادثات المحرمة ؟ وإذا سرقت إيميل صديق وعرفت أنه يكلم نساء بالحرام : فهل أرجع الإيميل له ، أو ماذا يجب أن أفعل ؟ .
الرجاء من الإخوة الكرام الرد على الأسئلة بأسرع ما يمكن ؛ لأن هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

حرَّمت الشريعة الإسلامية المطهرة العدوان على خصوصيات الآخرين ، وجاء الوعيد الشديد في المتعدي على حرمات المسلمين ، ومن ذلك : تحريم التجسس ، وتحريم النظر من عقب الدار ، وتحريم سماع مكالمات أو حديث الناس دون إذنهم ، وقد سبق الإسلام بهذا دعاوى كثيرين ممن يزعمون أنهم راعوا خصوصيات الناس .
والبريد الإلكتروني هو من خصوصيات الإنسان ، فمنه يرسل ويستقبل رسائل تتعلق بالأسرة ، والعمل ، وسحب المال ، وغير ذلك ، وهذا يجعل اختراق البريد الخاص بالشخص من المحرمات ، ولا يحل لأحدٍ فعل ذلك ابتداءً .
وقد يوجد من الناس من هو مفسد مجرم ، يُعرف عنه الفحش والسوء ، يجاهر به ، ولا يراعي ذوقاً ، ولا حياءً ، ومثل هؤلاء يُفتي بعض العلماء بجواز اختراق بريدهم ، وسرقته .
ويظن بعض المتحمسين للدين أن هذا الجواز ينسحب على الكافر ، وهذا غير صحيح ، ولا نعلم أحداً من أهل العلم يفتي بذلك .
وعلى ذلك نقول :
1. لا يجوز سرقة البريد الإلكتروني من أحدٍ من الأصدقاء ، لهواً ، وعبثاً ، ومزحاً .
فعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه أنَّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِبًا وَلاَ جَادًّا ، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ) .
رواه الترمذي (2160) وأبو داود (5003) ، وحسَّنه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
قال شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله :
“قال الخطابي : معناه : أن يأخذه على وجه الهزل وسبيل المزاح ، ثم يحبسه عنه ، ولا يرده ، فيصير ذلك جِدّاً . انتهى .
وجه النهي عن الأخذ جِدّاً : ظاهر ؛ لأنه سرقة ، وأما النهي عن الأخذ لعباً : فلأنه لا فائدة فيه ، بل قد يكون سبباً لإدخال الغيظ ، والأذى على صاحب المتاع” .انتهى من ” عون المعبود شرح سنن أبي داود ” ( 13 / 236 ) .
ومن أعظم حكَم هذا التحريم : هو عدم ترويع صاحب الشيء المأخوذ .
فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ ، فَأَخَذَهَا ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَا يُضْحِكُكُمْ ؟ ، فَقَالُوا : لا ، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) رواه أحمد (23064) – واللفظ له – وأبو داود (4351) ، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
والمطلوب ممن فعل ذلك : أن يتوب من فعلته ، ويعزم على عدم العوْد ، وأن يرجع البريد لصاحبه ، كما في الحديث الأول ( فليردَّها إليه ) .
2. يجوز الاستيلاء على بريد من عُرف عنه التعدي على الناس ، وعلى خصوصياتهم ، وابتزازهم ، والتعدي عليهم وظلمهم ، وهذا له شروط :
أ. أن يُجزم بعدوانه وتعديه على المسلمين .
ب. أن تتلف الرسائل وموادها مباشرة دون النظر إليها ، أو حفظها .
ج. أن يُجزم أو يغلب على الظن نفع هذه الطريقة ؛ لأن الغالب على أهل الفساد الاحتفاظ برسائل وصور وملفات من يتعدون عليهم على أجهزتهم ، وليس في بريدهم .
3. الاستيلاء على بريد المجرمين والمفسدين من الكفار والمسلمين لا بقصد أخذ بريدهم والاستيلاء عليه ، بل بقصد تتبع خططهم ومراقبة تصرفاتهم وأفعالهم ، وهذا واجب على من قدر عليه ، وله شروط :
أ. أن يُجزم أو يغلب على الظن فسادهم أو إجرامهم .
ب. أن تكون المراقبة والتتبع من مجموعة أو هيئة حسبة ، ولا ينفرد بها شخص وحده ؛ والتجسس على الكفار لا يكون لمصلحة الفرد الواحد ، ولا باجتهاده الشخصي ، بل يكون ذلك جزءا من عمل جهادي ، يقصد به النكاية في العدو ، أو إعانة المجاهدين عليهم ، ومعرفة عوراتهم ومواطن ضعفهم ، ومحاربتهم من خلال ذلك ، أو استخدام ذلك فيما يسمى بالحرب النفسية ، وإذا كان ” الغزو لا يجوز أن يقيمه كل واحد على الانفراد ” [ نقله ابن مفلح في الفروع 6/200] ، فمن باب أولى مثل هذه الأعمال التي لا يتمحض فيها جانب الجهاد ، ولا تتحقق فيها مصلحة النكاية في العدو دائما ، بل يخشى منها مفسدة الافتتان بما يجده في هذه الرسائل أو الإيميلات الخاصة ، ثم يخشى عليه أيضا أن يتحول ذلك عنده إلى بلاء في نفسه ، يفتح عليه محبة الاطلاع على العورات ، وهتك الأستار.
ج. عدم الاحتفاظ بخصوصيات الناس ، وعدم تتبع مسائل صاحب البريد الشخصية ؛ لعدم دخوله في استثناء التعدي على حقوق الآخرين وخصوصياتهم .
قال الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله السند حفظه الله :
” واستثناء من ذلك فقد يكون التجسس مشروعاً في أحوال معينة كالتجسس على المجرمين ، فقد لا يعرفون إلا بطريق التجسس ، وقد أجاز الفقهاء التجسس على اللصوص وقطاع الطريق ، وطلبهم بطريق التجسس عليهم وتتبع أخبارهم – انظر ” تبصرة الحكام لابن فرحون ” (2/171) – ، وكذلك يجوز التجسس في حال الحرب بين المسلمين وغيرهم لمعرفة أخبار جيش الكفار وعددهم وعتادهم ومحل إقامتهم وما إلى ذلك .
وكذلك يجوز اختراق البريد الإلكتروني للمجرمين المفسدين في الأرض واللصوص وقطاع الطريق ، لتتبعهم ، ومعرفة خططهم وأماكن وجودهم ، لقطع شرهم ودفع ضررهم عن المسلمين ، وهذا موافق لمقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت بحفظ الدين والعرض والمال والنفس والعقل ” .
انتهى من ” وسائل الإرهاب الإلكتروني ، حكمها في الإسلام ، وطرق مكافحتها ” (ص 10 – 12) باختصار .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android