عامل يعمل أجيراً ، أجره لا يكاد يصل إلى نصف المبلغ المتعارف عليه عند العامة ، وعندما طالب بالزيادة خير بين القبول به أو التسريح ، مع العلم أن المؤجر غني والبلاد تعاني أزمة بطالة خانقة واستغلال كبير من الشركات والأغنياء ، فبدا العامل يسرق من مال المؤجر الذي يعمل فيه دون علمه لمدة سنة ونصف ، ولم ينتبه المؤجر إلى الآن ، فهل عليه أن يصارحه ويرد له ماله أم يستمر في هذا ؟
يسرق من مال صاحب العمل لأنه يعطيه راتبا ضعيفا
السؤال: 114918
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز للعامل أن يسرق من مال مؤجره بحجة ضعف راتبه ؛ لأنه قَبِلَ هذا العمل باختياره ، وله أن يدعه ويبحث عن غيره ، وباب الرزق واسع .
وأما السرقة والخيانة فمنكر قبيح ، مشتمل على ظلم الغير ، وأكل الحرام ، وهي كبيرة من كبائر الذنوب ، لما جاء فيها من الوعيد والحد ، وقال تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) المائدة/38 .
وروى البخاري (6783) ومسلم (1687) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ) .
فالواجب على هذا العامل أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرد ما أخذ ، إلا أن يعفو صاحبه ، قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ [يعني : هناك يوم القيامة] دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) . رواه البخاري (6534) .
وإن شق عليه إخبار صاحب العمل أو خشي مضرة من ذلك ، فليرد إليه المال دون إخباره .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهة ما سرقةً : فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول إن عندي لكم كذا وكذا ، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه ، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب مثلاً إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا ، ففي هذه الحال يمكن أن يوصل إليه هذه الدراهم – مثلاً – من طريق آخر غير مباشر ، مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ، ويقول أنا الآن تبت إلى الله عز وجل فأرجو أن توصلها إليه .
وإذا فعل ذلك فإن الله يقول : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)الطلاق /2 ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق /4 ” انتهى من “فتاوى إسلاميَّة” (4/162) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب