هل تستطيعون أن تبينوا لنا أركان ، وواجبات ، وسنن خطبة الجمعة ؟ جزاكم الله خيرا .
شروط وأركان وسنن خطبة الجمعة
السؤال: 115854
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة على أن الخطبة شرط لصحة الصلاة يوم الجمعة ، فهي من ذكر الله الذي أمر الله تعالى بالسعي إليه في قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) سورة الجمعة/9. وقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليها مواظبة تامة ، بل جاء عن بعض الصحابة أن الخطبة هي بدل الركعتين من صلاة الظهر ، كل ذلك يدل على اشتراط الخطبة لصحة صلاة الجمعة .
يقول ابن قدامة رحمه الله :
" وجملة ذلك أن الخطبة شرط في الجمعة ، لا تصح بدونها كذلك قال عطاء ، والنخعي ، وقتادة ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم فيه مخالفا إلا الحسن " انتهى.
"المغني" (2/74)
ثانيا : شروط خطبة الجمعة :
اتفق الفقهاء أيضا على شرطين من شروط خطبة الجمعة :
1- أن تقع بعد دخول وقت صلاة الجمعة .
2- أن تقع قبل الصلاة وليس بعدها : يقول الخطيب الشربيني : " بالإجماع إلا من شذ " انتهى. "مغني المحتاج" (1/549) ، ولا يطول الفصل بينهما ، بل يجب الموالاة بين الخطبة والصلاة . يقول ابن قدامة رحمه الله : " يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة " انتهى. "المغني" (2/79)
واختلفوا فيما عداها من الشروط ، فنذكر باختصار ما ترجح لدينا كونه شرطا بعد دراسة أدلة جميع الأقوال :
3- النية : وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) متفق عليه. فيشترط أن ينوي الخطيب الخطبة المجزئة لصلاة الجمعة ، وبه قال الحنابلة وبعض الشافعية .
4- الجهر : فلا يجزئ أن يخطب الخطيب سرا ، إذ لا يتحقق مقصود الخطبة إلا بالجهر بها ، وبهذا قال جمهور أهل العلم إلا الحنفية .
وقد اشترط بعض أهل العلم حضور عدد معين لخطبة الجمعة ، كما اشترط بعضهم كون الخطبة باللغة العربية ، ولكن سبق في موقعنا بيان عدم صحة هذين الشرطين ، انظر جواب السؤال رقم : (7718) ، (112041)
ثالثا : أركان خطبة الجمعة .
الصحيح من أقوال أهل العلم أن ركن الخطبة الوحيد هو أقل ما يصدق عليه اسم الخطبة عرفا، وهو مذهب ابن حزم . "المحلى" (5/97)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ولا يكفي في الخطبة ذم الدنيا وذكر الموت ، بل لا بد من مسمى الخطبة عرفا ، ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود " انتهى.
"الاختيارات" (ص/79)
ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" اشتراط الفقهاء الأركان الأربعة في كل من الخطبتين فيه نظر ، وإذا أتى في كل خطبة بما يحصل به المقصود من الخطبة الواعظة الملينة للقلوب فقد أتى بالخطبة ، ولكن لا شك أن حمد الله ، والصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وقراءة شيء من القرآن من مكملات الخطبة ، وهي زينة لها " انتهى.
"الفتاوى السعدية" (ص/193)
رابعا : سنن الخطبة :
يستحب للخطيب أن يكون متطهرا من النجاسة ومن الحدثين الأصغر والأكبر ، لابسا أحسن ثيابه ، ويسلم على الناس ، ويخطب عن المنبر ، وأن يقبل على الناس بوجهه ، وأن يصدق الناس في الوعظ والتذكير بكلام مترسل معرب مبين ، ويقصر خطبته فلا يطولها ، ويجعلها خطبتين .
وفي كثير من هذه الفروع خلاف وتفصيل محله كتب الفروع ، وإنما اقتصرنا هنا على البيان الموجز الذي يحتاج إليه جميع المسلمين .
على أننا ننبه هنا إلى أهمية مراعاة حال الناس فيما تتضمنه الخطبة ، فيعطيهم الخطيب ما يحتاجونه ، ولا يحدثهم فيما لا يعقلونه ، أو فيما لا يحتاجون إليه في أمر دينهم .
ثم إنه ينبغي عليه ألا يصادم ما اعتاده الناس وتعارفوا عليه في خطبهم ، من الذكر أو الدعاء ، أو غير ذلك من مستحبات الخطبة ، والتي قد لا يدل الدليل على اشتراطها في الخطبة ، فيكفيه ـ فقط ـ أن يدل الدليل على استحبابها ، أو حتى مشروعيتها ، حتى يأتي بها ، ويراعي حال الناس وحاجتهم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، بعد مناقشة ما اشترطه فقهاء الحنابلة في خطبة الجمعة :
" وقال بعض أهل العلم : إن الشرط الأساسي في الخطبة : أن تشتمل على الموعظة المرققة للقلوب ، المفيدة للحاضرين ، وأن الحمد لله ، أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقراءة آية ، كله من كمال الخطبة .
ولكن هذا القول وإن كان له حظ من النظر لا ينبغي للإنسان أن يعمل به إذا كان أهل البلد يرون القول الأول الذي مشى عليه المؤلف ؛ لأنه لو ترك هذه الشروط التي ذكرها المؤلف لوقع الناس في حرج ، وصار كلٌّ يخرج من الجمعة ، وهو يرى أنه لم يصل الجمعة ، وإذا أتيت بهذه الشروط لم تقع في محرم .
ومراعاة الناس في أمر ليس بحرام هو مما جاءت به الشريعة ، فقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الصوم والفطر في رمضان في حال السفر، وراعاهم عليه الصلاة والسلام في بناء الكعبة حيث قال لعائشة : "لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم" [ متفق عليه ] ، وهذه القاعدة معروفة في الشرع .
أما إذا راعاهم في المحرم فهذه تسمى مداهنة لا تجوز ، وقد قال الله تعالى : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) القلم/ 9" .
انتهى من الشرح الممتع (5/56) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة