توضح الشريعة أنه لا يجوز مغادرة المسجد بعد النداء للأذان وقبل الصلاة ، إلا في حال وجود عذر مقبول ، كالحاجة للمغادرة لإتمام الوضوء ، لكن هل يجوز مغادرة أحد المساجد بعد الأذان لأداء الصلاة في مسجد آخر حيث يتمتع المسجد الآخر بجماعة أكبر أو قارئ أفضل ووجود من ترغب في رؤيتهم بعد الصلاة ؟ وفي حالتي فإن هناك مسجداً صغيراً يعطى به درس من بعد صلاة المغرب وحتى صلاة العشاء ، لكن هناك مسجد آخر توجد به جماعة أكبر بصلاة العشاء ويوجد بنفس المدينة على بعد بضعة أميال ، كما يوجد به أحياناً قراء أفضل ، بالإضافة إلى أنه يوجد به بعض الإخوة الآخرين الذين أود رؤيتهم .
لا حرج في الخروج من المسجد بعد الأذان للصلاة في مسجد آخر
السؤال: 116955
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر ؛ لما روى مسلم (655) عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ : كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي ، فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : (أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
ورواه الترمذي وقال عقبه : ” وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، أَنْ لَا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، أَوْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ” انتهى .
ورواه أحمد (10946 ) بزيادة : ( ثُمَّ قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ ) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
ومن الأعذار المبيحة للخروج : أن يخرج ليتوضأ إذا كان محل الوضوء خارج المسجد ، أو يخرج بنية العودة ، كما لو خرج ليوقظ أهله مثلا ثم يعود ، وكذلك الخروج للصلاة في مسجد آخر إذا علم أنه سيدرك الجماعة فيه .
قال في “غاية المنتهى” : ” وحرم خروج من مسجد بعد أذان , وقبل صلاةٍ بلا عذر , أو نية رجوع … ويتجه جواز الخروج لو خرج بعد الأذان لكن ليصلي جماعة بمسجد آخر ، لا سيما مع فضل إمامه ” انتهى من “الغاية مع مطالب أولي النهى” (1/304).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في الفتاوى (2/104) : ” تحريم الخروج من المسجد فيه تفصيل : إِن كان بلا داعي ولا غرض له صحيح حرم ، وذلك أَن صورته صورة من ينصرف عن المسجد لا يصلي . أَما إِذا كان يريد الصلاة في مسجد آخر أَو له عذر أَو ناويًا الرجوع والوقت متسع فلا يحرم ” انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم وضوء الرجل في مسجد ويصلي في مسجد آخر؟
فأجاب : “إذا كانت الميضأة خارج المسجد فلا حرج أن يتوضأ في هذه الميضأة ويصلي في مسجد آخر ، اللهم إلا إذا كان هذا المسجد قد أقيمت فيه الصلاة فالأَولى أن يصلي فيه ، وأما إذا كانت الميضأة داخل المسجد فإنه لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لسبب ؛ لأن أبا هريرة رأى رجلاً خرج من المسجد بعد الأذان فقال : (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم) ، فإن كان هناك سبب مثل أن يريد الذهاب إلى المسجد الآخر لحضور مجلس العلم أو لضرورة فلا حرج عليه أن يخرج ولو كانت الميضأة داخل المسجد ” انتهى .
وسئل رحمه الله : أرى بعض الإخوة يقعدون في المسجد للدرس ، وعندما يشرع الأذان يخرجون ، حيث إنني قرأت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج عند الأذان ، فما حكم ذلك ؟
فأجاب : “في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه رأى رجلاً خرج بعد الأذان فقال : (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم) . قال أهل العلم : يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر ، ولكن الحديث هذا ليس فيه صراحة بأن الرجل خرج ليصلي في مسجد آخر ، فقد يكون خرج لئلا يصلي ، والذي نرى أنه إذا خرج ليصلي في مسجد آخر يعلم أنه يدركه فلا حرج عليه ، لكن لا ينبغي أن يفعل لئلا يقتدي به من يخرج ولا يصلي ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (9/38).
وبهذا تعلم أنه يجوز لك الخروج من المسجد بعد الأذان لتصلي في مسجد آخر إمامه أقرأ ، أو تلتقي فيه ببعض إخوانك ، إذا علمت أن خروجك إليه ستدرك معه الجماعة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب