ما حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة ؟
حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة
السؤال: 120223
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
“الملاكمة ومصارعة الثيران من المحرمات المنكرة ؛ لما في الملاكمة من الأضرار الكثيرة ، والخطر العظيم ، ولما في مصارعة الثيران من تعذيب للحيوان بغير حق .
أما المصارعة الحرة التي ليس فيها خطر ولا أذى ولا كشف للعورات فلا حرج فيها ؛ لحديث مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ليزيد بن ركانة ، فصرعه عليه الصلاة والسلام ، ولأن الأصل في مثل هذا الإباحة ، إلا ما حرمه الشرع المطهر ، وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار بتحريم الملاكمة ومصارعة الثيران لما ذكرنا آنفا وهذا نصه :
القرار الثالث بشأن موضوع (الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران) :
وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408 هـ الموافق 17 أكتوبر 1987 م إلى يوم الأربعاء 28 صفر 1408 هـ الموافق 31 أكتوبر 1987 م قد نظر في موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة من حيث عدهما رياضة بدنية جائزة ، وكذا في مصارعة الثيران المعتادة في بعض البلاد الأجنبية ، هل تجوز في حكم الإسلام أو لا تجوز ؟ وبعد المداولة في هذا الشأن من مختلف جوانبه ، والنتائج التي تسفر عنها هذه الأنواع التي نسبت إلى الرياضة ، وأصبحت تعرضها برامج البث التلفازي في البلاد الإسلامية وغيرها ، وبعد الاطلاع على الدراسات التي قدمت في هذا الشأن بتكليف من مجلس المجمع في دورته السابقة من قبل الأطباء ذوي الاختصاص ، وبعد الاطلاع على الإحصائيات التي قدمها بعضهم عما حدث فعلا في العالم نتيجة لممارسة الملاكمة ، وما يشاهد في التلفزة من بعض مآسي المصارعة الحرة ، قرر مجلس المجمع ما يلي :
أولا : الملاكمة : يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة المذكورة التي أصبحت تمارس فعلا في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية ؛ لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاءً بالغاً في جسمه ، قد يصل به إلى العمى أو التلف الحاد أو المزمن في المخ أو إلى الكسور البليغة ، أو إلى الموت ، دون مسؤولية على الضارب ، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر ، والابتهاج بما حصل للآخر من الأذى ، وهو عمل محرم ، مرفوض كلياً وجزئياً في حكم الإسلام ؛ لقوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) ، وقوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) .
على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر ، فقال له : ( اقتلني ) أنه لا يجوز له قتله ، ولو فعل كان مسؤولاً ومستحقا للعقاب .
وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمى رياضة بدنية ، ولا تجوز ممارستها ؛ لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر ، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية ، ومن المشاركات فيها في المباريات العالمية ، كما يقرر المجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية ، كي لا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ ، وتحاول تقليده .
ثانياً : المصارعة الحرة :
وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الآخر والإضرار به ، فإن المجلس يرى فيها عملاً مشابهاً تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة ، لأن جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصارعة الحرة التي تجرى على طريقة المبارزة وتأخذ حكمها في التحريم ، وأما الأنواع الأخرى من المصارعة التي تمارس لمحض الرياضة البدنية ولا يستباح فيها الإيذاء ، فإنها جائزة شرعاً ، ولا يرى المجلس مانعاً منها .
ثالثاً : مصارعة الثيران :
وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم ، والتي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح ، فهي أيضا محرمة شرعاً في حكم الإسلام ؛ لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيباً بما يغرس في جسمه من سهام ، وكثيراً ما تؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثور مصارعه ، وهذه المصارعة عمل وحشي ، يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها ، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) . فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة ، فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى الموت ؟ .
رابعا : التحريش بين الحيوانات :
ويقرر المجمع أيضا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش ، والديكة ، وغيرها ، حتى يقتل أو يؤذي بعضها بعضاً . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين” انتهى .
“مجموع فتاوى ومقالات متنوعة” للشيخ ابن باز (4/411) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب