أود منكم الرأي الشرعي في مشروعية التعامل مع بنك “فيصل الإسلامي” في مصر ، حيث إني أردت أن أودع مبلغاً من المال فيه ، وذهبت للاستفسار عن نظام البنك فقالوا لي ما يلي :
أولاً : البنك يشرف عليه هيئة رقابة شرعية .
ثانياً : من النظام المعمول به في مصر أن يكون لأي بنك في مصر وديعة في البنك المركزي المصري بنسبه 15 % من نسبة رأس ماله لضمان إذا حصل إفلاس للبنك أن يستطيع أن يساعده ، وهذه الأموال تستثمر في مشاريع بعضها شرعي والآخر غير شرعي ، ويكون لكل بنك نسبة عائد من استثمار هذه الأموال , ولكن ” بنك فيصل ” يتنازل عن هذه الأرباح لصالح البنك المركزي .
ثالثاً : نسبة العائد لا تحدد مسبقاً على أي نوع من أنواع الاستثمار سواء كان الحساب استثماريّاً أو ودائع أو شهادات الاستثمار .
رابعاً : يقوم البنك بإخراج أموال الزكاة عن العائد الذي يضاف لكل حساب استثماري أو ودائع أو شهادات الاستثمار.
خامساً : بالنسبة للحساب الجاري لا تستثمر الأموال المودعة فيه ، ويقوم البنك بأخذ مبلغ كل عام قدره (20 جنيها ) .
سادساً : بالنسبة لشهادات الاستثمار يقوم البنك كل سنة بإجراء قرعة يستطيع الفائز في هذه القرعة السفر على نفقه البنك لأداء فريضة الحج.
وأود أن أسال عن هذه النقطة : هل يجوز للبنك إذا خسر – وهذا نادر الحدوث حيث إنه يخضع تحت رقابة خبراء اقتصاد – أن يتم الخصم من رأس مال الأشخاص المودعين بنفس نسبة الخسارة ؟ وإذا خسر البنك ولم يتم الخصم من رأس المال بالنسبة للمودعين هل يأثمون أم لا ؟ وفى حالة عدم علم العملاء بالخسارة فهل يأثمون ؟
حكم التعامل مع ” بنك فيصل المصري “
السؤال: 120662
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يُحكم على تعاملات البنوك والمؤسسات وفقاً لأسمائها ، بل لا بدَّ أن يتوافق واقعها مع اسمها الذي تنتسب إليه وهو ” الإسلام ” ، كما أن وجود هيئة رقابة أو إفتاء شرعية في البنك أو المؤسسة لا يَحكم على أفعالها بأنها صواب إلا أن يكونوا من الثقات في علمهم ودينهم ، وتكون قراراتها ملزمة لإدارة البنك .
ولسنا في صدد تقويم هذا البنك أو ذاك إنما هو قاعدة عامة تنطبق على الجميع ، وما ذكرتَه – أخي الفاضل – في سؤالك لا مطعن فيه ، وهو علامة خير إن شاء الله ، لكن يهمنا معرفة حقيقة التعامل ، والنظر في الصور والمعاملات الأخرى كبيع المرابحة أو التورق المصرفي وهما أكثر التعاملات تداولاً في البنوك التي تنتسب إلى الإسلام ، وعند كثير منها مخالفات شرعية واضحة ، وقد نبهت بعض قرارات ” مجمع الفقه الإسلامي ” على سوء تصرف بعض البنوك التي تنتسب إلى الإسلام ، وحذروا من التعامل بمثل هذه المخالفات للشرع .
وفي قرارهم في مؤتمرهم المعقود في 19 – 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 – 17 / 12 / 2003 م قالوا :
” كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا ، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول ” انتهى .
وقال الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين :
” إذا كانت المصارف الإسلامية لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها ، وكان ذلك بسبب أن الاتجاه العام الغالب لديها في استخدام الموارد لا يمكنها من ذلك على نحو ما وضح فيما سبق :فإن النتيجة المنطقية لذلك أنها لن تحقق في المستقبل ما عجزت عنه في الماضي.
والواقع يثبت أن المصارف الإسلامية بهذا الاتجاه ظلت تقترب من البنوك الربوية شيئاً فشيئاً ، وأن أوضح شاهد لذلك ما انتهت إليه المصرفية الإسلامية من اعتماد عمليتي “تيسير الأهلي ” ، و ” التورق المبارك ” .
والظاهر أنه من الناحية العملية فإنه من المستحيل القول إن الآثار السلبية للربا الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية التي تتحقق في التمويل بالفائدة لا تتحقق في التمويل بـ ” تيسير الأهلي ” أو “التورق المبارك ” بل إنه من الناحية الفقهية يستحيل على الفقيه دون أن يخادع نفسه أن يدَّعي وجود فارق بين هاتين العمليتين والاحتيال المحرم على الربا .
بهذا الاقتراب من البنوك الربوية :فإن المصارف الإسلامية ستفقد هويتها الحقيقية ،ولا يبقى لها إلا الاسم ” انتهى من مقال – له – بعنوان ” المصارف الإسلامية ما لها وما عليها ” .
وعلى كل حال : فوجود الرقابة الشرعية والمجالس الشرعية في هذه البنوك علامة خير .
وما ذكرتَه من أن البنك لا يحدد مبلغاً معيناً لودائع واستثمارات زبائنه ، وأنه يخرج الزكاة عن أموال المودعين ، وأنه يشارك في الربح والخسارة في حال المشاركة – وننبه إلى أن البنك إن كان مشاركاً فهو يخسر من ماله ، وإن كان مضارباً فهو يخسر جهوده ، وخسارة المال تكون على أصحابه – كل ذلك ليس فيه مخالفة شرعية ، وما يكون من تعامل مع البنوك المركزية هو أمر تُجبر عليه البنوك الإسلامية جميعها .
غير أن هذا لا يكفي للحكم على معاملات البنك كلها بأنها شرعية ، بل لا بد من الوقوف على حقيقية معاملاته كلها .
ولكن .. باعتبار أن ما ذكرته عن البنك يعطي مؤشراً عن اختلاف البنك عن البنوك الربوية ، وأنه لا يتعامل بالربا ، فإننا نرى لك جواز التعامل معه حتى يتبين لك أن معاملاته غير منضبطة بالضوابط الشرعية ، فتوقف تعاملك معه حينئذ .
وفي جواب السؤال رقم (47651 ) ذكرنا مواصفات البنك الإسلامي فلينظر .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة