الحلف بحياة الله جائز
السؤال: 122729
جاءتني رسالة من شخص ويقول فيها باللفظ : ” وحياة من أنزل القرآن “.
فهل يجوز الحلف بهذا اللفظ ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحلف بحياة من أنزل القرآن هو حلف بصفة من صفات الله عز وجل ، وهي صفة الحياة ، وقد دلَّت النصوص الواردة في السنة النبوية على جواز الحلف بصفات الله تعالى ، وهي نصوص صحيحة واردة في صحيحي البخاري ومسلم ، استدل بها العلماء على ذلك :
يقول الإمام البخاري رحمه الله :
” باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أعوذ بعزتك . وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يبقى رجل بين الجنة والنار فيقول : يا رب اصرف وجهي عن النار ، لا وعزتك لا أسألك غيرها )
وقال أبو سعيد رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله : لك ذلك وعشرة أمثاله ) .
وقال أيوب عليه السلام : ( وعزتك لا غنى بي عن بركتك ) ” انتهى.
” صحيح البخاري ” (كتاب الأيمان والنذور، باب رقم/12) وهذه الأحاديث وإن علقها البخاري في هذا الموضع ، إلا أنه أسندها في مواضع أخر .
وقد أورد الإمام البيهقي أيضا في ” السنن الكبرى ” (10/41) هذه الأحاديث ، وبوَّب عليها بقوله :
” باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى : كالعزة ، والقدرة ، والجلال ، والكبرياء ، والعظمة ، والكلام ، والسمع ، ونحو ذلك ”
وأورد تحته أثرا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن الخمر فقال : لا وسمعِ الله عز وجل ، لا يحل بيعها ولا ابتياعها .
يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
” الحلف بصفات الله تعالى جائز تجب فيها الكفارة ؛ لأنها – أي الصفات – منه تعالى ذكره ” انتهى.
” الاستذكار ” (5/205)
وقال ابن رشد رحمه الله :
” وأما مَن منع الحلف بصفات الله وبأفعاله فضعيف ” انتهى.
” بداية المجتهد ” (1/298)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” فمعلوم أنَّ مَن حلف بصفاته كالحلف به , كما لو قال : وعزة الله تعالى , أو لعمر الله , أو والقرآن العظيم , فإنه قد ثبت جواز الحلف بالصفات ونحوها عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة , ولأن الحلف بصفاته كالاستعاذة بها , وإن كانت الاستعاذة لا تكون إلا بالله , في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بوجهك ) , و ( أعوذ بكلمات الله التامات ) , و ( أعوذ برضاك من سخطك ) ونحو ذلك , وهذا أمر متقرر عند العلماء ” انتهى.
” الفتاوى الكبرى ” (4/130)
وهذا ما ينص عليه أيضا فقهاء المذاهب الأربعة المتبوعة :
يقول الكاساني الحنفي رحمه الله :
” إذا قال : ( وعزة الله ، وعظمة الله ، وجلاله ، وكبريائه ) يكون حالفا ؛ لأن هذه الصفات إذا ذكرت في العرف والعادة لا يراد بها إلا نفسها ، فكان مراد الحالف بها الحلف بالله تعالى، وكذا الناس يتعارفون الحلف بهذه الصفات ، ولم يرد الشرع بالنهي عن الحلف بها ” انتهى.
” بدائع الصنائع ” (3/6)
ويقول أبو العباس القرطبي رحمه الله :
” وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان حالفًا فليحلف بالله ) لا يُفهم منه قَصْرُ اليمين الجائزة على الحلف بهذا الاسم فقط ، بل حكم جميع أسماء الله تعالى حكم هذا الاسم . فلو قال : والعزيز ، والعليم ، والقادر ، والسميع ، والبصير ؛ لكانت يمينًا جائزة . وهذا متفق عليه . وكذلك الحكم في الحلف بصفات الله تعالى ؛ كقوله : وعزة الله ، وعلمه ، وقدرته ، وما أشبه ذلك مما يَتَمَحَّضُ فيه الصفة لله ، ولا ينبغي أن يختلف في هذا النوع أنها أيمان كالقسم الأول ” انتهى.
” المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم ” (4/623)
ويقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري إمام الشافعية في زمانه رحمه الله :
” ( وينعقد ) اليمين ( بقوله : وعلم الله ، وقدرته ، وحقه ، وعظمته ، وسمعه ، وبصره ) ونحوها ” ” انتهى.
” أسنى المطالب شرح روض الطالب ” (4/244)
ويقول ابن قدامة إمام الحنابلة في زمانه رحمه الله :
” والقسم بصفات الله تعالى كالقسم بأسمائه ” انتهى.
” المغني ” (9/395)
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” القسم بقول الإنسان : ” وحياة الله ” لا بأس بها ؛ لأن القسم يكون بالله سبحانه وتعالى ، وبأي اسم من أسمائه ، ويكون كذلك بصفاته : كالحياة ، والعلم ، والعزة ، والقدرة ، وما أشبه ذلك , فيجوز أن يقول الحالف : وحياة الله ، وعلم الله ، وعزة الله ، وقدرة الله ، وما أشبه هذا مما يكون من صفات الله سبحانه وتعالى ” انتهى.
” مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ” (2/219-220)
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟