أنا أعمل نصف دوام ، في بيئة مختلطة ، ولا أريد أن أعمل دوام كامل لأسباب دينية ، ولكن ما أجنيه من هذا العمل قليل ، ولا يكفيني ، فسجلت فيما يسمى " جوب سيكر الونس " وهو عبارة عن مبلغ تعطيه الحكومة للأشخاص العاطلين عن العمل لتغطية المصاريف الأساسية إلى أن يحصلوا على عمل ، فهل يجوز لي أن أبقى في العمل المذكور ؟ وهل يجوز لي كذلك أن آخذ هذا المبلغ من الحكومة حتى أجد عملاً ذا مردود طيب ؟ .
يعمل في بيئة مختلطة في بلد كفر فهل يتركه ويأخذ معونة بطالة أم يستمر فيه؟
السؤال: 125118
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
الواجب على المسلم أن يكتسب رزقه بيده ، وأن يتعفف عن أموال الناس ، وليس من سيما المسلم التطلع إلى ما في أيدي الناس من أموال ، فضلا عن أخذها بغير وجه حق ، وإذا كان المسلم يعيش في دولة غير إسلامية ، تحتَّم عليه التعفف عن أموالهم أكثر ، ولا ينبغي أن يذل نفسه بالمعونة التي تصرفها تلك الدول للعاطلين عن العمل ، ولأن يعمل بتعب ومشقة خير له من أن يذل نفسه .
روى الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ( 10 / 160 ) عن علي بن الفضيل قال : سمعتُ أبي وهو يقول لابن المبارك : أنت تأمرنا بالزهد ، والتقلل ، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام ، كيف ذا ؟ فقال ابن المبارك : يا أبا علي ، إنما أفعل ذا لأصون به وجهي ، وأُكرم به عرضي ، وأستعين به على طاعة ربي ، لا أرى لله حقَّا إلا سارعت إليه حتى أقوم به ، فقال له الفضيل : يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا .
ثانياً :
أما بخصوص أخذ المعونة من الحكومة – مسلمة كانت أم كافرة – وأنت لا تستحقها ، ولا ينطبق عليك الشروط الواجب توفرها : فإنها تكون من الأموال المحرَّمة ، ويجب عليك اجتنابها .
وقد أمرنا الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود ، حتى مع الكفار ، فقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) المائدة/ 1 ، وبينك وبين الدولة عقد على استحقاق المال بشرط ، فوجب انطباق الشرط عليك حتى يصير مالهم لك حلالاً .
فمن كان يعمل ، وله راتب : فإنه لا يستحق من المعونة شيئاً ، وإن كان لا يعمل مع توفر فرص عمل مباحة: كانت المعونة أيضاً عليه محرَّمة .
وبخصوص حالتك تحديداً : فإذا أردت أن يكون المال حلالاً : فاترك العمل المحرَّم ؛ لينطبق عليك شرط تلك المعونة ، ومن وجد عملاً في بيئة مختلطة ، أو في مصنع خمور ، أو مطعم يبيع اللحوم المحرَّمة : فهذا لا يعتبر واجداً لعمل ؛ لأنه يحرم عليه الالتحاق به ولا حرج عليه من أخذ المعونة حينئذ ، فهذا أخف من ارتكاب المحرم ، أو احتمال الفتنة بالنساء .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 112278 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة