0 / 0
196,57208/11/2008

هل يجب على الرجل ستر عاتقه في الصلاة؟

السؤال: 125425

هل يجب علي الرجل ستر كتفه أثناء الصلاة ؟ وهل الصلاة بكتف عارٍ حلال أم حرام؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اتفق الفقهاء على وجوب ستر العورة في الصلاة ، وعورة الرجل ما بين سرته وركبته ، وبعضهم يدخل السرة والركبة في العورة .
واختلفوا في وجوب ستر العاتق ، وهو ما بين الكتف والعنق ، فذهب الجمهور إلى عدم الوجوب ، وذهب الحنابلة إلى أنه واجب في صلاة الفرض خاصة ، ولا تصح الصلاة إلا به.
واستدل الجمهور بما روى البخاري (361) ومسلم (3010) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ، فَقَالَ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ ، وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ : مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ ؟ قُلْتُ : كَانَ ثَوْبٌ ، يَعْنِي ضَاقَ . قَالَ : ( فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ ).
والاشتمال : الالتفاف بالثوب .
والسُّرى : السير في الليل ، والمراد سؤاله عن سبب مجيئه في ذلك الوقت .
واحتج الحنابلة بما روى البخاري (359) ومسلم (516) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ).
وحمله الجمهور على الاستحباب جمعاً بين الأدلة .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يُصَلِّي أَحَدكُمْ فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ عَلَى عَاتِقه مِنْهُ شَيْء ) قَالَ الْعُلَمَاء : حِكْمَته أَنَّهُ إِذَا ائْتَزَرَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَاتِقه مِنْهُ شَيْء لَمْ يُؤْمِن أَنْ تَنْكَشِف عَوْرَته بِخِلَافِ مَا إِذَا جَعَلَ بَعْضه عَلَى عَاتِقه , وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاج إِلَى إِمْسَاكه بِيَدِهِ أَوْ يَدَيْهِ فَيَشْغَل بِذَلِكَ , وَتَفُوتهُ سُنَّة وُضِعَ الْيَد الْيُمْنَى عَلَى الْبَدَن وَمَوْضِع الْيُسْرَى تَحْت صَدْره , وَرَفْعهمَا حَيْثُ شُرِعَ الرَّفْع , وَغَيْر ذَلِكَ , لِأَنَّ فِيهِ تَرْك سَتْر أَعْلَى الْبَدَن وَمَوْضِع الزِّينَة وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : خُذُوا زِينَتكُمْ . ثُمَّ قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى وَالْجُمْهُور : هَذَا النَّهْي لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ , فَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْب وَاحِد سَاتِر لِعَوْرَتِهِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقه مِنْهُ شَيْء صَحَّتْ صَلَاته مَعَ الْكَرَاهَة , سَوَاء قَدَرَ عَلَى شَيْء يَجْعَلهُ عَلَى عَاتِقه أَمْ لَا .
وَقَالَ أَحْمَد وَبَعْض السَّلَف رَحِمَهُمْ اللَّه : لَا تَصِحّ صَلَاته إِذَا قَدَرَ عَلَى وَضْع شَيْء عَلَى عَاتِقه إِلَّا بِوَضْعِهِ ؛ لِظَاهِرِ الْحَدِيث . وَعَنْ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى رِوَايَة أَنَّهُ تَصِحّ صَلَاته , وَلَكِنْ يَأْثَم بِتَرْكِهِ .
وَحُجَّة الْجُمْهُور قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث جَابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ , وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَأْتَزِرْ بِهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ , وَرَوَاهُ مُسْلِم فِي آخِر الْكِتَاب فِي حَدِيثه الطَّوِيل " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح "زاد المستقنع" : " والتفريق بين الفرضِ والنَّفلِ مخالفٌ لظاهرِ الحديث. ثم إن المؤلَّف يقول : مع أحد عاتقيه، والحديث يدلُّ على سَتْرِ العَاتقين جميعاً ، وما قاله المؤلِّفُ هو المشهور من المذهب .
والقول الثاني: أنَّ سَتْرَ العاتقين سُنَّة؛ وليس بواجب؛ لا فرق بين الفرضِ والنَّفلِ ؛ لحديث: (إنْ كان ضيِّقاً فاتَّزِرْ به) ، وهذا القول هو الرَّاجح ، وهو مذهب الجمهور . وكونه لا بُدَّ أن يكون على العاتقين شيء من الثَّوب ليس من أجل أن العاتقين عورة ، بل من أجل تمام اللباس وشدِّ الإزار ؛ لأنه إذا لم تشدَّه على عاتقيك ربما ينسلخُ ويسقطُ ، فيكون ستر العاتقين هنا مراداً لغيره لا مراداً لذاته " انتهى من "الشرح الممتع" (2/168).
وينظر : "المغني" (1/338)، و "المجموع" (3/180).
والحاصل : أنه لا يجب على الرجل ستر كتفه ولا عاتقه في الصلاة ، ولكن يستحب ذلك تزينا وتجملا وتعظيما للصلاة وللوقوف بين يدي ربه جل وعلا ، فإن صلى عاري الكتفين أو العاتقين صحت صلاته .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android