مدينة يَسلم فيها من الفتن ويصلون فيها الجمعة قبل الزوال فهل يجب عليه الانتقال إليها ؟
السؤال: 125515
أعيش في مدينة تكثر فيها الفتنة ، وتقلّ فيها فرص العمل ، وتوجد مدينة تبعد عنّا حوالي ساعة ، لكنها مليئة بفرص العمل ، وفيها الإخوة الصالحون ، الأمر الذي يمنعني من الانتقال الى هذه المدينة هي أنهم يؤدّون صلاة الجمعة قبل دخول وقت صلاة الظهر , فقمت بنصحهم عن طريق إرسال فتوى من موقعكم تنص على أنه لا تجوز صلاة الجمعة إلا في فترة صلاة الظهر ، فما رأيكم ؟ وما حكم انتقالي للعمل هناك في هذه الحالة ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
قد
بينَّا في جواب السؤال رقم (
114859 ) اختلاف العلماء في وقت صلاة الجمعة ، وذكرنا أن جمهورهم على أن وقتها
بعد زوال الشمس ، وهو وقت صلاة الظهر ، وخالف في ذلك بعض الحنابلة فذهبوا إلى أنه
يمكن أداؤها قبل الزوال ، وذكرنا هناك عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قوله
بصحة صلاة من صلى الجمعة قبل الزوال بقليل ، وأن الأحوط لمن فعل ذلك أن يوافق
الجمهور فلا يؤديها إلا بعد زوال الشمس .
وإنما ذكرنا لك ذلك أخي السائل لتعلم أن الأمر الذي يفعله المصلون في المدينة التي
تذكرها ليس منكراً ، ولا بدعة ، وإن كنا نميل لقول الجمهور .
ولا
شك أن بقاءك في مدينتك الحالية التي تكثر فيها الفتن : خطر على دينك ، ولا يمكن أن
ننصحك بالبقاء فيها البتة ، بل ننصحك بأن تنضم لإخوانك الذين يعينونك على طاعة ربك
، وتحصن نفسك بينهم من فتن الدنيا ، والتي افتتن فئام بزينتها وبهرجتها ، مع ما في
تلك المدينة من فرَص للعمل ، تعف بها يدك عن السؤال ، وتزيل عن نفسك همَّ البطالة .
وأما بخصوص الإخوة هناك وأدائهم صلاة الجمعة قبل الزوال : فيمكن أن تتلطف بنصحهم إن
كنتَ بينهم ليقيموا الصلاة بعد الزوال ، وتكثف من نشاطك بينهم لإقناعهم ، وتبذل في
ذلك طرقاً مختلفة ، كالاتصال بالعلماء ، وقراءة كلام أهل العلم ، وفتاواهم ، وإذا
أصرَّ الإخوة هناك على الاستمرار بفعلهم : فيمكن أن تنصحهم بإيقاع الخطبة قبل
الزوال ، وتحرِّي أن تكون صلاتهم للجمعة بعد الزوال ، وينبغي أن يعلموا أن هذا هو
ما فهمه بعض الأئمة الحنابلة من مذهبهم ، لا أنهم يوقعون الخطبة والصلاة قبل الزوال
، بل قد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله نفسه القول بموافقة الجمهور ، وأنه لا صلاة
جمعة إلا بعد الزوال ! .
قال
ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
”
ونقل أبو طالب عنه – أي الإمام أحمد – ، قال : ما ينبغي أن يصلي قبل الزوال ” .
”
فتح الباري ” لابن رجب ( 5 / 418 ) .
وينبغي أن يعلموا – كذلك – أن هذا هو قول جمهور الحنابلة .
قال
ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – :
وبكل حالٍ : فلا يجب فعلها إلا بعد الزوال ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جمهور
الأصحاب .
”
فتح الباري ” لابن رجب ( 5 / 419 ) .
وإن
كان الذي ننصحك به هو الانتقال ـ كلية ـ من البلد الذي تعيش فيه ، إلى بلدٍ إسلامي
تستطيع إظهار شعائر دينك فيه ، متى أمكنك ذلك .
وإن
كنتَ أصلاً من أهل البلد الذي أنت فيه الآن : فالذي ننصحك به ، بل نراه واجباً عليك
: هو الانتقال لتعيش في المدينة التي تأمن فيها على دينك بين إخوانك ، وما يفعلونه
من صلاتهم للجمعة قبل الزوال ليس بعذرٍ لك لعدم الانتقال إليهم ، وما يفعلونه هو
تقليد لمذهب معتبر ، ويمكنك التوصل معهم لتركه موافقة للجمهور ، بالتي هي أحسن ،
فإن لم يطيعوك : فابحث عن مسجد آخر في هذه البلدة ، يقيم صلاة الجمعة بعد الزوال ،
فصل معهم .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة