بركة ماء زمزم تحصل لكل من شربها سواء كان داخل مكة أم خارجها
السؤال: 125862
هل الدعاء عند شرب ماء زمزم خاص بمن هو موجود بمكة ، سواء كان مقيما أو زائرا أو حاجا أو معتمرا ، أم أن الدعاء عند شربه هو عام يشمل جميع المسلمين في كل الأقطار ، مع العلم أني سمعت فتوى للشيخ الألباني في ” سلسلة الهدى والنور ” يقول فيها بأنه يرى أن الدعاء عند شرب ماء زمزم خاص بمن هو موجود بمكة المكرمة ، ولم يذكر رحمه الله دليلا في هذه المسألة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
البركة في ماء زمزم بركة أودعها الله عز وجل في الماء ذاته أينما كان ، وليست
متعلقة فقط في مكان زمزم أو زمان شربه أيام الحج والعمرة ، فقد وصفها النبي صلى
الله عليه وسلم نفسها بقوله : (
إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ) رواه مسلم (2473)،
وفي رواية البزار والطبراني والبيهقي وغيرهم زيادة : ( وشفاء سقم ): انظر: ” السنن
الكبرى ” (5/147).
وظاهر الأدلة ، إن شاء الله ، أن هذه البركة عامة لكل ماء زمزم ، سواء الموجود منه
في مكة ، أو المحمول منه إلى غيرها من البلدان ، ولذلك نص غير واحد من أهل العلم
على مشروعية نقل ماء زمزم خارج مكة ، وبقاء بركته وخاصيته حتى بعد نقله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَمَنْ حَمَلَ شَيْئًا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ جَاز فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ
يَحْمِلُونَهُ ” .
وقال الصاوي المالكي رحمه الله :
” ( ونُدب نقله – يعني ماء زمزم – ) وخاصيته باقية خلافا لمن يزعم زوال خاصيته ”
انتهى.
” حاشية الصاوي على الشرح الصغير ” (2/44)، ونحوه في ” منح الجليل شرح مختصر خليل ”
(2/273)
وقال
الشيخ علي الشبراملسي الشافعي رحمه الله :
” ( قوله : ماء زمزم لما شرب له ) هو شامل لمن شربه في غير محله ” انتهى.
” حاشية نهاية المحتاج ” (3/318).
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في ” تحفة المحتاج ” (4/144) : ” وأن ينقله إلى
وطنه استشفاء وتبركا له ولغيره ” انتهى.
وقال السخاوي رحمه الله :
” يذكر على بعض الألسنة أن فضيلته مادام في محله ، فإذا نقل يتغير . وهو شيء لا أصل
له ؛ فقد كتب
[ صلى الله عليه وسلم ]
إلى سهيل بن عمرو : ( إن وصل كتابي ليلا : فلا تصبحن ، أو نهارا : فلا تمسين ، حتى
تبعث إلي بماء زمزم ) .
وفيه أنه بعث له مزادتين وكان حينئذ بالمدينة قبل أن يفتح مكة .
وهو حديث حسن لشواهده ، وكذا كانت عائشة رضي الله عنها تحمل وتخبر أنه كان يفعله ،
وأنه كان يحمله في الأداوي والقرب ، فيصب منه على المرضى ويسقيهم ، وكان ابن عباس
إذا نزل به ضيف أتحفه بماء زمزم . وسئل عطاء عن حمله فقال قد حمله النبي والحسن
والحسين رضي الله عنهما .
وتكلمت على هذا في الأمالي . ” انتهى .
المقاصد الحسنة ، للسخاوي (1/569) .
بل قال الملا علي القاري ، رحمه الله :
” وأما نقل ماء زمزم للتبرك به فمندوب اتفاقا ” . انتهى .
مرقاة المفاتيح (9/194) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :
” هل يشترط أن يكون الشرب في مكة – يعني لماء زمزم كي تتحقق بركته – ؟
فأجاب :
” لا يشترط ، ولهذا كان بعض السلف يأمر مَنْ يأتي به إليه في بلده فيشرب منه ، وهو
أيضاً ظاهر الحديث ( ماء زمزم لما شرب له ) ، ولم يقيده النبي صلى الله عليه وسلم
بكونه في مكة ” انتهى.
” فتاوى نور على الدرب ” ( شروح الحديث والحكم عليها )
وقال أيضا رحمه الله :
” ظاهر الأدلة أن ماء زمزم مفيد سواء كان في مكة أم في غيرها ، فعموم الحديث الوارد
عن النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : ( ماء زمزم لما شرب له ) يشمل ما إذا شرب
في مكة أو شرب خارج مكة ، وكان بعض السلف يتزودون بماء زمزم يحملونه إلى بلادهم ”
انتهى.
” فتاوى نور على الدرب ” (فتاوى الحج والجهاد/باب محظورات الإحرام)
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (1/298) :
” أما ما ذكرت عن ماء زمزم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ماء زمزم لما
شرب له ) فقد رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، وهو حديث حسن ، وهو أيضا عام ، وأصح منه قول النبي صلى الله عليه وسلم
في ماء زمزم : ( إنها مباركة ، وإنها طعام طعم وشفاء سقم ) رواه مسلم وأبو داود
وهذا لفظ أبي داود – يعني الطيالسي – فإذا أردت منه شيئا أمكنك أن توصي من يحج من
بلدك ليأتي بشيء منه في عودته من حجه ” انتهى.
وانظر ” الموسوعة الفقهية ” (24/14) .
ولعل الشيخ الألباني رحمه الله ، قد تراجع عن المنع من حمل ماء زمزم ، والتبرك به
خارج مكة ، أو ـ على أقل تقدير ـ نقول : إن له قولا آخر في المسألة ، يوافق ما
نقلناه هنا من كلام أهل العلم
.
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” وله
[ أي : للحاج والمعتمر ]
: أن يحمل معه من ماء زمزم ما تيسر له تبركا به ؛ فقد : ( كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يحمله معه في الأداوي والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم )
[ قال الشيخ في تخريج ذلك : أخرجه البخاري في ( التاريخ ) والترمذي وحسنه من حديث
عائشة رضي الله عنها وهو مخرج في ( الأحاديث الصحيحة ) ( 883 ) ]
بل إنه : ( كان يرسل وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلى سهيل بن عمرو : أن أهد لنا
من ماء زمزم ولا تترك فيبعث إليه بمزادتين )
[ قال في تخريجه : أخرجه البيهقي بإسناد جيد عن جابر رضي الله عنه . وله شاهد مرسل
صحيح في ( مصنف عبد الرزاق ) ( 9127 ) وذكر ابن تيمية أن السلف كانوا يحملونه ]
” .
مناسك الحج والعمرة (42) ، وقرر نحوا من ذلك في السلسلة الصحيحة ، رقم (883) ، تحت
عنوان : ” حمل ماء زمزم ، والتبرك به ” . (2/543) .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟