خطبها شاب يدرس ويقيم في أستراليا
السؤال: 126914
هل يجوز لفتاةٍ مسلمة التزوج من شخص مقيم في استراليا ، وهو مولود هناك ، وقد أنهى دراسته هناك ، ويقوم الآن بتحضير الدكتوراة ، و قد تمت خطبته لتلك الفتاة ، وسيتزوجان بعد عامٍ من الآن ؛ فهل يجوزُ لها السفر والإقامة معه في هذا البلد – ولا يخفى على سماحتكم ما في هذه البلاد من قبحِ – ! مع العلم بأنها ليست ملتزمة بتعاليمِ الدينِ كاملةً ، ومثلها هذا الرجل – أو أقل – فلو تكرمتم علينا بالإفادة ، و بماذا تنصحون أهلها الملتزمين .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط : أهمها كون المقيم ذا دين يحجزه عن
الشهوات ، وذا علم يعصمه من الشبهات ، وأن يتمكن من إظهار شعائره ، وأن يأمن على
أهله وأولاده ، وينظر تفصيل ذلك في الجواب رقم (95056)
ورقم (89709)
.
ثانيا :
لا
يخفى أن الفتاة أمانة في يد أوليائها ، وعليهم أن يزوجوها ممن يحفظ دينها وكرامتها
، وأن يكون ذلك مقدما على المال والجاه وغيره ، فإن الدين إذا فقد لم يعوضه شيء .
ولا ينبغي لهم الموافقة على هذا الشاب ، أو غيره ، حتى يتأكدوا من استقامته وبعده
عن أسباب الفسق والانحراف ، وأن يشترطوا عليه إلزام زوجته بالحجاب ، وتمكينها من
تعلم دينها وتطبيقه ، والاحتكام إليه عند حدوث الخلاف ، والارتباط بالجالية والجماعة
المسلمة في ذلك البلد ، فإن يد الله مع الجماعة ، ولا يأكل الذئب من الغنم إلا
القاصية .
فإن
خشي أولياؤها عليها من سفرها أن تضيع دينها ، وغلب على ظنهم ذلك من خلال معرفتهم
بها ، لم يجز لهم تزويجها لمن يسافر بها إلى تلك البلاد ، لأنهم مسئولون عما تحت
أيديهم من الرعية . قال تعالى : (يَا
أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ
نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ
لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ : الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ
فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي
بَيْتِ زَوْجِهَا ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
ثالثا
:
الذي نراه وننصح به الأهل ، في خصوص هذه الزيجة المسؤول عنها : أنه إذا كان من نية
هذا الشاب أن ينتقل إلى العيش في بلده الأصلي ، أو غيره من البلاد الإسلامية ، فلا
بأس أن يزوجوه ، بعد الانتباه إلى ما ذكرناه سابقا من النصائح ، والاطمئنان إلى أن
الرجل محافظ على صلاته ، متمسك بدينه ، يغلب على الظن أنه سيحافظ على أهله ويمنعهم
من اقتراف المنكرات والانغماس في باطل تلك المجتمعات ، مدة مقامهم فيها .
وإن
لم يكن من نيته أن يعود إلى بلاد المسلمين ، بل حاله كحال أغلب من يعيش في هذه
البلاد ، ويطلب الدنيا فيها : فلا نرى لهم أن يغرروا بابنتهم ، وينقلوها إلى العيش
في هذه البلاد ، خاصة مع ما ورد في السؤال من قلة حصانتها ، وحصانته هو أيضا ، فكيف
سنأمن عليها من فتن هذه البلاد ؛ بل كيف سنأمنها هي على ذريتها المنتظرة ، أن تساعد
في المحافظة عليهم من التحلل في هذه المجتمعات ، والانسلاخ العملي من الدين وأحكامه
وأخلاقه؟
وبإمكان هذا الطالب ، ما دام يريد العيش والاستقرار في هذه البلاد : أن يختار من
أبناء الجالية المسلمة عنده ، والذين قد لا يتاح لهم الانتقال إلى العيش في بلاد
إسلامية : أن يختار من هذه الجالية من تصلح له زوجة ، وتألف معه المجتمع الذي
يعيشون فيه .
وفق
الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة