كان مسلماً ثم رجع إلى بلاده وارتد ثم عاد إلى بلدٍ إسلامي فهل هو معاهد ؟ وكيف نعامله ؟
السؤال: 126938
رجل كان يعمل في بلاد إسلامية ، وهو مسلم ، ثم خرج إلى بلاده ، وارتد عن الإسلام ، ثم عاد إلى البلاد الإسلامية التي كان يعمل فيها ، وهو غير مسلم .
السؤال : هل ينطبق عليه إذا عاد ليعمل في البلاد الإسلامية أحكام المرتد ، أم إنه ينطبق عليه أحكام المعاهد ؟ .
أرجو التوضيح ، وما هي الطريقة المُثلى للتعامل معه ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
من
كان مسلماً ثم ارتدَّ عنه إلى الإلحاد : فهو مرتد ، لا إشكال في ذلك ، ومن ارتد عن
الإسلام إلى غيره الأديان لم يُنسب إلى ذلك الدين ، ولم يأخذ أحكامه ، بل هو مرتد
كسابقه ، يعامل معاملة المرتدين ، يستتاب ليرجع إلى الإسلام ، فإن تاب ورجع وإلا
قُتل كفراً .
قال
الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
لو
ارتد أحدٌ إلى اليهودية ، أو النصرانية : لا نقرُّه ؛ لقول النبي صلّى الله عليه
وسلّم صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوه ) – رواه
البخاري ( 2854 ) – يعني : مَن بدَّل دين الإسلام : فإننا نقتله .
”
الشرح الممتع على زاد المستقنع ” ( 11 / 306 ) .
وعليه : فمن كان مسلماً ثم صار نصرانيّاً أو يهوديّاً : لم تحل ذبيحته ؛ لأنه ليس
كتابيّاً ، بل هو مرتد لا تؤكل ذبيحته ، وإن كانت امرأة : لم يحل نكاحها ؛ للسبب
نفسه ، وهؤلاء لا يكونون ذميين ، ولا معاهِدين ، ولا مستأمَنين ؛ لأن هذه الأحوال
إنما تكون لكافرٍ أصلي ، لا لمرتد ، فليس أمام المرتد عن الإسلام إلا أن يرجع لدينه
، أو يختار القتل كفراً على ذلك .
قال
الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :
والمرتد في الاصطلاح
: هو الذي يكفر بعد إسلامه طوعاً ، بنطق ، أو اعتقاد ، أو شك ، أو فعل .
والمرتد : له حكم في الدنيا ، وحكم في الآخرة
:
أما حكمه في الدنيا
: فقد بيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( مَنْ بدَّلَ دِينَهُ
فَاقْتُلُوهُ ) ، وأجمع العلماء على ذلك ، وما يتبع ذلك من عزل زوجته عنه ، ومنعه
من التصرف في ماله قبل قتله .
وأما حكمه في الآخرة : فقد بيَّنه الله تعالى : بقوله ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ
عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
.
والردة تحصل بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام ، سواء كان جادّاً ، أو هازلاً ، أو
مستهزئاً ، قال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا
نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ
تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) .
”
الملخص الفقهي ” ( 2 / 565 ، 566 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : (
20060 ) ففيه زيادة بيان .
وينبغي التنبه إلى حدَّ الردة – ومثله بقية الحدود – لا يقيمه إلا الخليفة ، أو
نائبه ، بإجماع العلماء ، ولا يجوز لآحاد الناس تنفيذ الحدود بأنفسهم
.
وقد
بينا هذا في أجوبة الأسئلة (
107105 ) و (
12461 ) و (
8980 ) .
ثانياً:
أما
بخصوص طريقة التعامل معه : فتكون كغيره من الكفار الذين يُتلطف بدعوتهم للإسلام بالحسنى ، وتذكيره بسالف أيامه يوم كان مسلماً ، وأنه لا بدَّ
يشعر بالفرق بين حياته في الإسلام ، وحياته خارجه ، ويستعان على ذلك بمن يعرف لغته
، من بني جلدته ، ليكون أفهم له . وللهدية مفعولها الطيب في نفوس الأحرار ،
فتعاهدوه بهدايا يحتاجها ، تصلون من خلالها لقلبه ، وإن كان عنده معاملة متعسرة أن
تعينوه عليها ، وتسهلوا أمر معاشه ، فمن شأن ذلك كله أن يجعله يعيد النظر بفعله ،
ولعله أن يعود الإسلام قبل موته ، ويُكتب ذلك في ميزان حسناتكم .
وهذا كله في المعاملة ، أما الحكم : فسبق أنه ليس كالكافر الأصلي ، فالمرتد لا يجوز
للمسلم أن يرثه ، ولا هو يرث مسلماً ، والمرتدة لا تُنكح ، وإن كان تحت المرتد
امرأة مسلمة : فسخ عقد نكاحها ، وغير ذلك من الأحكام ، فينبغي التفريق بين الأحكام
، والمعاملة .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة