0 / 0

هل تترك العمل كمعيدة في الجامعة لأجل الاختلاط

السؤال: 126983

أنا اعمل معيدة بالجامعة. من قبل تعييني وأنا رافضة له ، بسبب أنه عمل مختلط ، وصعب فيه تجنب الرجال . وخاصة وأنه لا حاجة لي فيه ماديا أو أدبيا . ولكن أهلي أجبروني وأقنعوني بأنها فرصة وجود أفراد ملتزمين دينيا في أماكن مثل هذه بدلا من غيرهم ، وأن اعتبر عملي طريقة للدعوة إلى الله .
والآن ، وبعد مرور أربعة أعوام ، واكتشافي لحقيقة الأمر ؛ فلم أتمكن من تجنب الاختلاط ، ووجدت الغيبة ظاهرة أمام عيني ، وقلة الإمكانيات للقيام بالبحث العلمي ، واضطراري للخروج خارج مدينتي لإجراء التجارب في معمل يتوفر فيه الإمكانيات ، مما يلزم سفري بدون محرم حيث إن زوجي مسافر ، ووالدي وأخي ليس لديهم الوقت للسفر معي… أريد أن أتقدم باستقالتي ، وأعيش حياتي كامرأة مسلمة ، نظم لها الإسلام حياتها ويسرها لها…ولكن هناك صوتا يقول لا تنسحبي بدون الماجستير ، حتى لا يقال : فشلت !! ولكني لا أجد من الحرج أن أقول : فشلت في أمر بحياتي ؛ فليس على المرء أن ينجح دائما !!
فما رأي فضيلتكم ؛ هل أكمل المسير؟ أم انسحب بهدوء؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله أن يبارك فيك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ وأن يحفظك من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، وأن يرزقنا وإياك الإخلاص لله ، في السر والعلن ، والثبات على صراطه المستقيم .

وقد سبق منا بيان أنه يحرم الاختلاط في العمل والدراسة وغيرهما ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير لا تخفى ، وينظر : سؤال رقم (112188) .

وتفكيرك في ترك العمل والبعد عن الاختلاط والتضحية بالوظيفة والمنزلة في سبيل تحصيل الدين يدل على رجاحة عقلك وحسن تفكيرك وإيثار الباقي على الفاني . ولا شك أن حفظ الدين مقدم على تحصيل المال والجاه ، وكون الإنسان مطيعا لربه ، حسن الصلة به ، هو النجاح الحقيقي ، فلا يضره أن يقال عنه غير ذلك . قال تعالى : ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران/185

وليكن نصيبك من ربك ، وحرصك على رضاه ، كما قال القائل :

فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ       وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ

وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ       وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ

إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالمالُ هَيِّنٌ       وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابُ

وأما كلام الناس : فدعيهم ـ يا أمة الله ـ يتكلمون ؛ ومتى كان الناس لا يتكلمون ؟!

واعلمي ـ يا أمة الله ـ أنه :

( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ ) ، كما قالت أمك : أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها .

[ سنن الترمذي (2414) ] .

ولا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم  ؛ لما جاء من النهي عن ذلك ، كما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ).

والحاصل أن عملك هذا قد اشتمل على أمرين محرمين ، وهما الاختلاط ، وما يقتضيه من السفر بلا محرم ، وقد ذكرت أنه لا حاجة لك في هذا العمل ، ماديا أو أدبيا .

وعليه فيلزمك تركه طاعة لله تعالى وابتغاء مرضاته ، وينبغي أن تعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ ) رواه أحمد (20739) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .

وإنا لنرجو الله تعالى أن يبدلك من حلاوة الإيمان ، ونعيم السكن في بيت الزوجية ، وقرة العين بالزوج والولد : ما يعوضك عما بذلتيه لله ، وينسيك ألم الصراع الذي تجدينه .

واعلمي أن قرار المرأة في بيتها ، وقيامها على شئون زوجها وأولادها ، عمل عظيم يحتاج إلى اجتهاد وبذل ، كما إنه يحتاج إلى تحصيل العلم الشرعي النافع ، وهو أمر يغفل عنه كثير من النساء ، مع تنوع الوسائل المعينة على ذلك ، عن طريق الإنترنت والقنوات وحلقات العلم في المساجد ، وهو شرف لا يدانيه شرف ، وحسب طالب العلم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ) رواه الترمذي (2682) وأبو داود (3641) ، وابن ماجه (223) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ومرضاته .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android