تنزيل
0 / 0

هل يجوز مس جسد المرأة بعد موتها؟

السؤال: 127274

هل صحيح أنه لا يجوز لمس جسد المرأة بعد أن تموت ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز للرجل الأجنبي عن المرأة أن يمسها بعد موتها ، كما لا يجوز له ذلك في حال حياتها، وإنما يجوز مسها للنساء أو محارمها من الرجال .

فعورة المرأة بعد موتها كعورتها في حال حياتها ، ولهذا اتفق العلماء على أن الرجل لا يغسل المرأة ، والمرأة لا تغسل الرجل ، إلا في الزوجين فقط ، فيجوز لكل واحد منهما أن يغسل الآخر .

قال الفقيه ابن رشد :

” اتفقوا على أن الرجال يغسلون الرجال ، والنساء يغسلن النساء ، واختلفوا في المرأة تموت مع الرجال أو الرجل يموت مع النساء ما لم يكونا زوجين على ثلاثة أقوال :

فقال قوم : يغسل كل واحد منهما صاحبه من فوق الثياب .

وقال قوم : ييمم كل واحد منهما صاحبه .

وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء وقال قوم : لا يغسل واحد منهما صاحبه ولا ييممه , وبه قال الليث بن سعد بل يدفن من غير غسل .

وسبب اختلافهم هو الترجيح بين تغليب النهي على الأمر أو الأمر على النهي ؛ وذلك أن الغسل مأمور به ، ونظر الرجل إلى بدن المرأة ، والمرأة إلى بدن الرجل منهي عنه ” انتهى .

“بداية المجتهد” (1/27-228) .

فتبين بذلك أن الفقهاء متفقون على أنه لا يمس الرجل امرأة أجنبية عنه بعد موتها ، ولا تمس المرأة رجلاً أجنبياً عنها بعد موته ، لأن العلماء الذي قالوا : يغسل كل منهما الآخر ، قالوا : يغسله من فوق الثياب ، وذلك حتى لا يمسه ، ولا ينظر إلى عورته .

وقد تواترت عبارات الفقهاء على احترام عورة الميت ، وأنها كعورة الحي من حيث النظر واللمس :

قال في “كشاف القناع” (2/92-93) :

“وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَة مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ بِغَيْرِ حَائِلٍ ، وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا ، لِأَنَّ التَّطْهِيرَ يُمْكِنُ بِدُونِ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ حَالَ الْحَيَاةِ ” انتهى .

وقال ابن قدامة في “المغني” (2/189) :

“وَالْمَرْأَةُ يُخَمَّرُ [أي : يغطى] قَبْرُهَا بِثَوْبٍ ، لَا نَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِ هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا …. ثم ذكر آثاراً بذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهم . ثم قال : لِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ , وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَرَاهُ الْحَاضِرُونَ ” انتهى .

وجاء في “الموسوعة الفقهية” (13/56) :

” الْأَصْلُ : أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ الرِّجَالَ إلَّا الرِّجَالُ , وَلَا النِّسَاءَ إلَّا النِّسَاءُ , لِأَنَّ نَظَرَ النَّوْعِ إلَى النَّوْعِ نَفْسِهِ أَهْوَنُ , وَحُرْمَةُ الْمَسِّ ثَابِتَةٌ حَالَةَ الْحَيَاةِ , فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ ” انتهى .

وقال الكاساني في “بدائع الصنائع” (1/300) :

” وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ [يعني : الميت] بِخِرْقَةٍ ; لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ بَاقِيَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَلِهَذَا لَا يُبَاحُ لِلْأَجْنَبِيِّ غُسْلُ الْأَجْنَبِيَّةِ” انتهى باختصار .

وقال في “البحر الرائق” (2/185) :

” النَّظَرُ إلَيْهَا حَرَامٌ [يعني : عورة الميت] كَمَا فِي عَوْرَةِ الْحَيِّ … وَفِي الْمُحِيطِ : وَيَغْسِلُ عَوْرَتَهُ تَحْتَ الْخِرْقَةِ بَعْدَ أَنْ يَلُفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً لِتَصِيرَ الْخِرْقَةُ حَائِلَةً بَيْنَ يَدِهِ وَبَيْنَ الْعَوْرَةِ ; لِأَنَّ اللَّمْسَ حَرَامٌ كَالنَّظَرِ ” انتهى .

وقال أيضاً (2/188) :

“وأما الغاسل فمن شرطه أن يحل له النظر إلى المغسول ، فلا يغسل الرجل المرأة ، ولا المرأة الرجل” انتهى .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

” لا يجوز للرجل أن يغسل غير زوجته من الإناث ، سواء كن محارم أم أجنبيات ، إلا الطفلة الصغيرة التي ماتت دون سبع سنوات ، فله أن يغسلها ، وعلى هذا إن ماتت امرأة بين رجال فقط ، ليس فيهم زوج لها ولا امرأة يُمِّمت بالنية عن الوضوء والغسل جميعاً ، تغليباً لجانب المحافظة على عورتها ، فإن الغالب على من يباشر تغسيل الميت ولو بصب الماء عليه أن يقع بصره على شيء من عورته ، وأن يمسها ويقلبه ، ليتمكن من تعميم الماء على جسده ، فكان التيمم لمن ماتت وليس معها إلا رجال ، أحفظ لعورتها ، وأحوط لصيانتها ” انتهى .

“فتاوى اللجنة الدائمة” (8/364).

وجاء فيها أيضاً (24/424) :

“النظر إلى عورته ميتا كالنظر في عورته حيا ، فلا يجوز” انتهى .

وقال الشيخ صالح الفوزان :

“أما ما عدا الزوجين فإنه لا يجوز للنساء أن تغسل الرجال ، ولا يجوز للرجال أن يغسلوا النساء ، بل كل جنس يغسل جنسه ، ولا يطلع أحدهما على عورة الآخر ؛ إلا الطفل الصغير الذي هو دون التمييز فهذا لا بأس أن يغسله الرجال والنساء على حد سواء ، لأنه لا عورة له”.

انتهى مختصراً من “المنتقى من فتاوى الفوزان” (80/47-48) .

والحاصل : أنه لا يجوز لأحد من الرجال الأجانب أن يمس امرأة ميتة ، كما لا يجوز له ذلك في حال حياتها .

لكن .. عند إدخالها في القبر فيجوز للرجال الأجانب عنها حملها وإدخالها القبر ، لأن المس هنا من وراء حائل (وهو الكفن) ولأن الحاجة داعية إلى ذلك .

قال ابن الهمام في “فتح القدير” (2/141) :

” لا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْ النِّسَاءِ الْقَبْرَ وَلَا يُخْرِجُهُنَّ إلَّا الرِّجَالُ وَلَوْ كَانُوا أَجَانِبَ , لِأَنَّ مَسَّ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا بِحَائِلٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جَائِزٌ فِي حَيَاتِهَا , فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهَا ” انتهى .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android