0 / 0
50,29613/04/2019

هل يصح حديث : أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة ؟

السؤال: 127335

( أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلدة فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟ فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره ) . 

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الحديث المذكور في السؤال رواه عبد الرزاق في مصنفه (3/588) وابن أبي شيبة في مصنفه (13/413) وهناد في الزهد (362) ، وغيرهم ، عن أبي إسحاق [ هو السبيعي ] ، عن عمرو بن شرحبيل ، به .

وعمرو بن شرحبيل تابعي كوفي ثقة ، روى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم .

ولم يصرح عمرو بن شرحبيل برفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ذكره من قوله ، ولو صرح برفعه : لكان حديثا مرسلا ، والمرسل من أنواع الحديث الضعيف .

ومعلوم أن مثل هذا الأمر الغيبي لا يعتمد فيه إلا على نص كتاب ، أو حديث صحيح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، لا سيما وفي متنه غرابة ، بل نكارة ، يُتَأَنى في مثلها !!

وقد روى الطحاوي هذا الحديث بإسناده : حدثنا فَهْدُ بن سُلَيْمَانَ قال ثنا عَمْرُو بن عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قال حدثنا جَعْفَرُ بن سُلَيْمَانَ عن عَاصِمٍ عن شَقِيقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، به .

شرح مشكل الآثار (8/212، رقم 3185)، ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (23/299).

قال الشيخ الألباني رحمه الله ـ السلسلة الصحيحة (2774) ـ :

” وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات من رجال التهذيب ، غير فهد هذا ، وهو ثقة ثبت ..” اهـ

والواقع أن ذكر جعفر بن سليمان في الإسناد غلط ؛ حيث لم يذكره أحد في الرواة عن عاصم ، ولم يذكر أحد عمرو بن عون الواسطي في الرواة عنه ، والصواب في الإسناد : حدثنا حفص بن سليمان عن عاصم ، وحفص هو القارئ المشهور ، صاحب عاصم ، وقد روى عنه عمرو عون الواسطي ، وما في إسناد الطحاوي هو مجرد تحريف من النساخ ، لقرب رسم الاسمين : حفص ، وجعفر!!

ومما يؤكد ذلك أمران :

الأول : أن الحافظ ابن رجب رحمه الله صرح بأن المذكور في هذا الإسناد هو حفص بن سليمان القارئ ؛ فقال بعد أن ذكر الأثر من قول أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، كما قدمناه :

” ورويناه من طريق حفص بن سليمان القارئ ، وهو ضعيف جدا ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم” . انتهى . “أهوال القبور” (85) .

الثاني : أن الحافظ عبد الحق الأشبيلي رحمه الله ، قد نقل هذا الحديث المرفوع من طريق الطحاوي ، فقال : ” الطحاوي : حدثنا فهد بن سليمان ، ثنا عمرو بن عون الواسطي ، ثنا ( حفص ) بن سليمان ، عن عاصم ، عن شقيق ، عن ابن مسعود ، عن النبي.. ” .

“الأحكام الشرعية” ( 3/208)

قال محقق الأحكام، تعليقا على ذكر حفص في الإسناد : “تحرفت في مشكل الآثار إلى جعفر”.

فإذا تبين أن الصواب في الإسناد : حفص بن سليمان ، عن عاصم .. ، علم أن الحديث المرفوع ضعيف جدا ، لحال حفص هذا ، فهو متروك الحديث ، كما قال غير واحد من الأئمة ، ولأجل ذلك صرح الحافظ ابن رجب بضعفه ، كما نقلناه عنه .

ينظر ترجمة حفص بن سليمان في : التاريخ الكبير ، للبخاري (2/363) ، الضعفاء والمتروكين ، للنسائي (167) ، ميزان الاعتدال، للذهبي (1/558) .

والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android