حكم المواقع التي تفرد أقساماً للكتابة في تفاصيل العلاقة الزوجية الخاصَّة
السؤال: 127858
ما حكم الكتب ، ومواقع الإنترنت ، والدورات التدريبية المتخصصة بمواضيع الثقافة الجنسية ؟ علماً بأن المواقع التي أتحدث عنها – وقد شاهدتها بنفسي – عربية ، ويرتادها نساء مسلمات ، وهي مخصصة للنساء فقط ، ولا يسمح بمشاركة الرجال فيها إطلاقاً ، وتتحدت عن أنواع المداعبات الزوجية ، وأوضاع الجماع ، ولكن دون صور إباحية ، أو ما شابه ، كما أنها تنبذ الممارسات الشاذة ، والمحرمة بالدين الإسلامي ، والدورات التي أتحدث عنها أيضاً مخصصة للنساء المتزوجات فقط ، وتُلقيها أستاذة – امرأة – ، وتتحدث عن مواضيع مختلفة ، منها : زيادة الحب ، والود بين الزوجين ، وطرق إغراء الزوج ، والتفاهم بين الزوجين .
أنا أعترف بأنني أشعر بانتعاش ، وتحسن شديد بعلاقتي الزوجية بعد قراءتي لهذه المواضيع .
ما حكم هذه الأمور ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
أمر
الله تعالى الأزواج أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف ، والمعاشرة الجنسية بين
الأزواج تدخل في هذا الأمر ، ومما لا شك فيه أن كلا الزوجين بحاجة لـ ” ثقافة جنسية
” تسهل عليهما الحياة الزوجية ، وتقوي ما بينهما من رباط .
وإنه لمن المحزن أننا نجد في هذا الأمر إفراطاً ، وتفريطاً ، أما الإفراط : فهو ما
ينتشر في الآفاق من نشر لهذه الثقافة الجنسية بقوة ، من غير حياء ، ولا حشمة ،
فتتناولها المناهج الدراسية بالتعليم النظري ، ويتناولها دعاة الفحش ، والعهر ،
بالتطبيق العملي ، وذلك من خلال تسهيل عملية اللقاء بين الجنسين بكل ما هو محرَّم ،
ومثل هذا العلم والعمل يكون قبل الزواج بسنوات ، بل إنه ليبعِّد كثيرين عن الزواج ؛
لما يراه من متعة ! من غير تحمل مسئولية ، ومن غير ارتباط بشريك واحد .
وأما التفريط : فهو منع تعلم ما جاء به الشرع من الأحكام المتعلقة بذلك ، وعدم
معرفة ما يحتاج إليه منها ؛ فربما تزوجت الفتاة وهي لا تعلم متى يحل لزوجها أن
يجامعها ، ومتى يحرم ، وماذا يحل له منها ، وماذا يحرم ، وهكذا .
وليعلم أن التوجيهات الشرعية في مثل هذه الأمور ، تأتي في سياقات متنوعة ، وفي
مواقف متنوعة أيضا ، بحسب الحاجة والمصلحة ، مما يجعل الحديث عنها في سياقه الطبيعي
، وحجمه المعقول ، دون إفراط ولا تفريط ، ومن غير أن تتحول تلك المسائل إلى شغل عام
في حياة الإنسان ؛ بل هي أمور مهمة ومطلوبة ، لكن لها حجمها الطبيعي ، وأدبها العام
.
ومن
أدب الشرع في تعليم ذلك والحديث عنه : أنه يعتمد على الكناية المفهمة ، والتي
يستغني بها عن التصريح بما يستحيا من ذكره ، ويخدش الحياء التفصيل فيه . كما في
قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ ) البقرة/ 187 ، وقوله تعالى : (
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة/ من الآية
223 ، وقوله صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله لما علِم بتزوجه من ثيب : (
فَهَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا وَتُلَاعِبُكَ
وَتُلَاعِبُهَا ) رواه البخاري ( 5052 ) ومسلم ( 715 ) .
ومن
الآداب المهمة لذلك الاعتماد على الرصيد الفطري لكل امرأة ، والذي يعطيها قدرا
كبيرا مما تحتاجه في ذلك ، وفي كل بيئة ينتقل قدر من المعارف المكتسبة , والخبرات
المتعلقة بذلك من خلال نساء أهلها ، اللاتي سبقن إلى خوض مثل هذه التجارب ، في حدود
لا تخدش الأدب ، ولا تخل بالحياء .
ثانياً:
أما
بخصوص المواقع التي تعلِّم النساء تلك الثقافة الجنسية فلا بأس بمطالعة ما فيها من
المواضيع الجادة العلمية المفيدة ، بشرط أن تكون تلك الموقع موثوقة فيما تقدمه من
المعلومات ، جادة في أداء رسالة تعليمية نزيهة ، بعيدة عن الإثارة الرخيصة ،
والدعايات التافهة .
وهو
الأمر الذي ينطبق على الكتب والنشرات التي تعنى بذلك اللون من المعارف .
على
أن يبدأ انشغال الفتاة بمثل ذلك اللون من المعلومات عند حاجتها الفعلية إليها ،
بدخولها في الزواج ، أو إقبالها عليه وقرب حصوله لها .
ثالثا :
المشاركة المباشرة في مثل هذه المنتديات : تكتنفها محاذير عديدة ، ولعل من أخطرها :
تلصص الفساق وأهل الفساد ، بأسماء مستعارة ، ومعلومات وهمية باعتباره امرأة ، بغية
التسلية الرخيصة ، والتلاعب بالعقول والقلوب . لا سيما إذا كان المنتدى يعرض لتلك
الموضوعات الحساسة .
بل
إن مجرد مطالعة الموضوعات في مثل هذه المنتديات ، ينبغي أن يضبط بأمور مهمة ، منها
:
1.
أن تخلو تلك المواقع ، والمقالات من الصور المحرَّمة ، كصور النساء عموماً ، أو
الصور اليدوية ، وخاصة تلك التي تُرسم فيها الأعضاء الجنسية .
2.
تجنب الألفاظ النابية ، والتخلق بأخلاق الإسلام في الاكتفاء بما يوصل الرسالة ، دون
التعرض للألفاظ الصريحة المؤذية ، إلا أن تكون حاجة لذلك .
4.
تجنب عرض تلك المواضيع بالصوت – كما تعقدها بعض النساء في دورات ! – ، ومن باب أولى
بالصوت والصورة ؛ لما في ذلك من تعريض المتكلمات أنفسهن للسوء ، من خلال انتشار
أشرطة تلك المحاضرات بين أيدي السفهاء ، وتعريض المتكلمات أنفسهن لتعليقات ساخرة ،
ومهينة ، من أهل الفساد .
3.
عدم الاكتفاء في التعليم والتوجيه لمسائل الحب ، والعشق ، وممارسة الجنس ، وتعليق
الزوج بالفراش ، فالعلاقة الزوجية أسمى من أن تكون موجهة لذلك الاتجاه دون غيره ،
بل تعلَّم المرأة أخلاق الإسلام في التعامل مع زوجها ، وأهل زوجها ، وتعلَّم أصول
تربية أولادها ، وضبط علاقاتها بجيرانها ، وأقرباء زوجها ، وأمور تنظيف البيت ،
وترتيبه ، والطهي ، واستغلال الوقت في التزود بالعلم الشرعي ، والإتيان بالأذكار ،
وتعليمهن مسائل الشرع الخاصة بالنساء ، كأحكام الحيض ، والغسل ، وغير ذلك ، وبذلك
تكون هذه المواقع قد أدت رسالتها على أكمل وجه ، وإننا لنرى أنه من المهانة للمرأة
حصر تعليمها وتوجيهها في الأمور الجنسية ، وأمور الفراش ، وهذه الأمور وإن كانت لها
أهمية بالغة ، لكنها جزء من الحياة الزوجية ، لا كلها .
فمتى التزم المنتدى ، أو الكتاب ، أو الموقع : بما مر من الضوابط ، وغيرها من أصول
الآداب العامة : فلا مانع من قراءته ومطالعة ما فيه من المواضيع النافعة .
وأما مشاركة المرأة المباشرة في مثل هذه المنتديات : فيكتنفه محاذير عديدة ، توجب
البعد عنها ، لا سيما مع إمكانية تحصيل الفائدة الحقيقية دون تلك المشاركة .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟