0 / 0
75,85428/10/2009

حكم المواقع التي تفرد أقساماً للكتابة في تفاصيل العلاقة الزوجية الخاصَّة

السؤال: 127858

ما حكم الكتب ، ومواقع الإنترنت ، والدورات التدريبية المتخصصة بمواضيع الثقافة الجنسية ؟ علماً بأن المواقع التي أتحدث عنها – وقد شاهدتها بنفسي – عربية ، ويرتادها نساء مسلمات ، وهي مخصصة للنساء فقط ، ولا يسمح بمشاركة الرجال فيها إطلاقاً ، وتتحدت عن أنواع المداعبات الزوجية ، وأوضاع الجماع ، ولكن دون صور إباحية ، أو ما شابه ، كما أنها تنبذ الممارسات الشاذة ، والمحرمة بالدين الإسلامي ، والدورات التي أتحدث عنها أيضاً مخصصة للنساء المتزوجات فقط ، وتُلقيها أستاذة – امرأة – ، وتتحدث عن مواضيع مختلفة ، منها : زيادة الحب ، والود بين الزوجين ، وطرق إغراء الزوج ، والتفاهم بين الزوجين .
أنا أعترف بأنني أشعر بانتعاش ، وتحسن شديد بعلاقتي الزوجية بعد قراءتي لهذه المواضيع .
ما حكم هذه الأمور ؟ .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

أمر الله تعالى الأزواج أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف ، والمعاشرة الجنسية بين الأزواج تدخل في هذا الأمر ، ومما لا شك فيه أن كلا الزوجين بحاجة لـ ” ثقافة جنسية ” تسهل عليهما الحياة الزوجية ، وتقوي ما بينهما من رباط .

وإنه لمن المحزن أننا نجد في هذا الأمر إفراطاً ، وتفريطاً ، أما الإفراط : فهو ما ينتشر في الآفاق من نشر لهذه الثقافة الجنسية بقوة ، من غير حياء ، ولا حشمة ، فتتناولها المناهج الدراسية بالتعليم النظري ، ويتناولها دعاة الفحش ، والعهر ، بالتطبيق العملي ، وذلك من خلال تسهيل عملية اللقاء بين الجنسين بكل ما هو محرَّم ، ومثل هذا العلم والعمل يكون قبل الزواج بسنوات ، بل إنه ليبعِّد كثيرين عن الزواج ؛ لما يراه من متعة ! من غير تحمل مسئولية ، ومن غير ارتباط بشريك واحد .

وأما التفريط : فهو منع تعلم ما جاء به الشرع من الأحكام المتعلقة بذلك ، وعدم معرفة ما يحتاج إليه منها ؛ فربما تزوجت الفتاة وهي لا تعلم متى يحل لزوجها أن يجامعها ، ومتى يحرم ، وماذا يحل له منها ، وماذا يحرم ، وهكذا .

وليعلم أن التوجيهات الشرعية في مثل هذه الأمور ، تأتي في سياقات متنوعة ، وفي مواقف متنوعة أيضا ، بحسب الحاجة والمصلحة ، مما يجعل الحديث عنها في سياقه الطبيعي ، وحجمه المعقول ، دون إفراط ولا تفريط ، ومن غير أن تتحول تلك المسائل إلى شغل عام في حياة الإنسان ؛ بل هي أمور مهمة ومطلوبة ، لكن لها حجمها الطبيعي ، وأدبها العام .

ومن أدب الشرع في تعليم ذلك والحديث عنه : أنه يعتمد على الكناية المفهمة ، والتي يستغني بها عن التصريح بما يستحيا من ذكره ، ويخدش الحياء التفصيل فيه . كما في قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ ) البقرة/ 187 ، وقوله تعالى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة/ من الآية 223 ، وقوله صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله لما علِم بتزوجه من ثيب :  (فَهَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا وَتُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا ) رواه البخاري ( 5052 ) ومسلم ( 715 ) .

ومن الآداب المهمة لذلك الاعتماد على الرصيد الفطري لكل امرأة ، والذي يعطيها قدرا كبيرا مما تحتاجه في ذلك ، وفي كل بيئة ينتقل قدر من المعارف المكتسبة , والخبرات المتعلقة بذلك من خلال نساء أهلها ، اللاتي سبقن إلى خوض مثل هذه التجارب ، في حدود لا تخدش الأدب ، ولا تخل بالحياء .

ثانياً:

أما بخصوص المواقع التي تعلِّم النساء تلك الثقافة الجنسية فلا بأس بمطالعة ما فيها من المواضيع الجادة العلمية المفيدة ، بشرط أن تكون تلك الموقع موثوقة فيما تقدمه من المعلومات ، جادة في أداء رسالة تعليمية نزيهة ، بعيدة عن الإثارة الرخيصة ، والدعايات التافهة .

وهو الأمر الذي ينطبق على الكتب والنشرات التي تعنى بذلك اللون من المعارف .

على أن يبدأ انشغال الفتاة بمثل ذلك اللون من المعلومات عند حاجتها الفعلية إليها ، بدخولها في الزواج ، أو إقبالها عليه وقرب حصوله لها .

ثالثا :

المشاركة المباشرة في مثل هذه المنتديات : تكتنفها محاذير عديدة ، ولعل من أخطرها : تلصص الفساق وأهل الفساد ، بأسماء مستعارة ، ومعلومات وهمية باعتباره امرأة ، بغية التسلية الرخيصة ، والتلاعب بالعقول والقلوب . لا سيما إذا كان المنتدى يعرض لتلك الموضوعات الحساسة .

بل إن مجرد مطالعة الموضوعات في مثل هذه المنتديات ، ينبغي أن يضبط بأمور مهمة ، منها :

1. أن تخلو تلك المواقع ، والمقالات من الصور المحرَّمة ،  كصور النساء عموماً ، أو الصور اليدوية ، وخاصة تلك التي تُرسم فيها الأعضاء الجنسية .

2. تجنب الألفاظ النابية ، والتخلق بأخلاق الإسلام في الاكتفاء بما يوصل الرسالة ، دون التعرض للألفاظ الصريحة المؤذية ، إلا أن تكون حاجة لذلك .

4. تجنب عرض تلك المواضيع بالصوت – كما تعقدها بعض النساء في دورات ! – ، ومن باب أولى بالصوت والصورة ؛ لما في ذلك من تعريض المتكلمات أنفسهن للسوء ، من خلال انتشار أشرطة تلك المحاضرات بين أيدي السفهاء ، وتعريض المتكلمات أنفسهن لتعليقات ساخرة ، ومهينة ، من أهل الفساد .

3. عدم الاكتفاء في التعليم والتوجيه لمسائل الحب ، والعشق ، وممارسة الجنس ، وتعليق الزوج بالفراش ، فالعلاقة الزوجية أسمى من أن تكون موجهة لذلك الاتجاه دون غيره ، بل تعلَّم المرأة أخلاق الإسلام في التعامل مع زوجها ، وأهل زوجها ، وتعلَّم أصول تربية أولادها ، وضبط علاقاتها بجيرانها ، وأقرباء زوجها ، وأمور تنظيف البيت ، وترتيبه ، والطهي ، واستغلال الوقت في التزود بالعلم الشرعي ، والإتيان بالأذكار ، وتعليمهن مسائل الشرع الخاصة بالنساء ، كأحكام الحيض ، والغسل ، وغير ذلك ، وبذلك تكون هذه المواقع قد أدت رسالتها على أكمل وجه ، وإننا لنرى أنه من المهانة للمرأة حصر تعليمها وتوجيهها في الأمور الجنسية ، وأمور الفراش ، وهذه الأمور وإن كانت لها أهمية بالغة ، لكنها جزء من الحياة الزوجية ، لا كلها .

فمتى التزم المنتدى ، أو الكتاب ، أو الموقع : بما مر من الضوابط ، وغيرها من أصول الآداب العامة : فلا مانع من قراءته ومطالعة ما فيه من المواضيع النافعة .

وأما مشاركة المرأة المباشرة في مثل هذه المنتديات : فيكتنفه محاذير عديدة ، توجب البعد عنها ، لا سيما مع إمكانية تحصيل الفائدة الحقيقية دون تلك المشاركة .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android