إذا قال: اللهم أدخلني الجنة الليلة فهل هو من الاعتداء في الدعاء؟
السؤال: 128084
قول المصلي اللهم أدخلني الجنة الليلة هل يعتبر من الاعتداء في الدعاء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الاعتداء في الدعاء له صور ، وضابطه : كل سؤال يناقض حكمة الله ، أو يتضمن مناقضة
شرعه وأمره ، أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء .
ولا
يخفى أن الجنة إنما يدخلها العبد بعد الموت والبعث ، لا الآن .
قال ابن القيم رحمه الله : “فالاعتداء بالدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله
من الإعانة على المحرمات ، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله ، مثل أن يسأله تخليده
إلى يوم القيامة ، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام
والشراب ، أو يسأله أن يطلعه على غيبه أو يسأله أن يجعله من المعصومين ، أو يسأله
أن يهب له ولدا من غير زوجة ولا أمة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء ، فكل سؤال يناقض
حكمة الله ، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به ، فهو اعتداء لا
يحبه الله ولا يحب سائله” انتهى من “بدائع الفوائد” (3/524).
ولهذا فقول الداعي : اللهم أدخلني الجنة الليلة ، إن أراد به دخول الجنة بروحه
وجسده ، فهو اعتداء ، لمخالفته ما أخبر به سبحانه ، وإن أراد أن يدخلها مناما ، كأن
يحفزه الشوق إلى الجنة إلى هذا السؤال طمعا أن يرى الجنة ونعيمها في منامه ، فليس
هذا من الاعتداء ؛ لأنه أمر ممكن ، ووقع لبعض الناس ، وليس في الشريعة ما يمنع من
سؤاله .
ومما جاء في رؤية الصالحين للجنة مناما : ما روى البخاري (7016) ومسلم (2478) عَنْ
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي
قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ وَلَيْسَ مَكَانٌ أُرِيدُ مِنْ الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ
إِلَيْهِ ، قَالَ : فَقَصَصْتُهُ عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَرَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلًا صَالِحًا) .
وإن
أراد بهذا الدعاء : أن يموت الليلة ، ويكون من أهل الجنة ، فتدخل روحه الجنة ،
فالذي يظهر أنه جائز أيضا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن أرواح المؤمنين
أنها تنعم في الجنة إلى يوم القيامة . روى أحمد (15350) والنسائي (2073) وابن ماجه
(4271) عن كَعْب بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ [أي: روحه] إِذَا مَاتَ
طَائِرٌ يَعْلُقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ) صححه الألباني في صحيح النسائي .
والأفضل أن لا يقيد ذلك بكونه الليلة ، بل يقول : اللهم إني أسألك الجنة ، أو
أدخلني الجنة برحمتك ، ونحو هذه الأدعية ، كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ،
أما تقييد ذلك بـ “الليلة” فيخشى أن يكون فيه سوء أدب مع الله ، فالأولى تركه .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟