حكم قراءة سورة الفتح بنية النصر على الأعداء
السؤال: 128239
ما حكم قراءة سورة الفتح بنية أن ينصر الله أهل غزة على عدوهم ، والاستشهاد بهذا الحديث:
حدثنا محمد بن جعفر وبهز قالا ، حدثنا شعبة ، عن معاوية ، قال بهز في حديثه : حدثني معاوية بن قرة قال : سمعت عبد الله بن مغفل المزني قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
هذا
العمل الوارد في السؤال ، من تخصيص قراءة سورة معينة من القرآن الكريم تفاؤلا
بالنصر، أو لغير ذلك من الحاجات : أمر محدث لا نعلم له أصلا ، ولم نقف على
استحبابه لدى أهل العلم ، والواجب على المسلم التوقف عند ما جاء به النبي صلى الله
عليه وسلم ، واجتناب الإحداث في الدين .
قال
الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
”
ومن البدع التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة
في
زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل .
ومنها :
أ-قراءة الفاتحة بنية قضاء الحوائج وتفريج الكربات.
ب-قراءة سورة الكهف يوم الجمعة على المصلين قبل الخطبة بصوت مرتفع.
ت-قراءة سورة يس أربعين مرة بنية قضاء الحاجات ” انتهى باختصار.
”
بدع القراءة ” (ص/14-15)
ثانيا :
والمشروع هنا أن نتوسل إلى الله جل جلاله بأعمالنا الصالحة ، من الصلاة والذكر
وقراءة القرآن ، وسائر القربات ، وندعوه أن ينصر إخواننا المجاهدين ، مع استفراغ
الوسع في نفعهم بما يحتاجون إليه ، كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا .
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ
فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ) رواه
البخاري (2896) .
وفي
رواية النسائي (3178) : ( إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ
بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ ) .
ثالثا :
أما
الحديث الوارد في السؤال ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الفتح يوم فتح
مكة ، فقد ورد
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ : قَرَأَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِيهَا . وهو
حديث صحيح ، رواه البخاري (4835)
ومسلم صحيحه (794) .
لكن
ليس في الحديث دلالة على استحباب تخصيص قراءة سورة الفتح بنية النصر على الأعداء ،
وذلك لما يلي :
1-
أنه
لا يدرى وقت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه السورة ، أكان قبل الفتح أم بعده.
2-
أن
قراءته صلى الله عليه وسلم لها إنما كانت لمناسبتها المقام ، فقد نزلت هذه السورة
بعد صلح الحديبية ، ووعد الله تعالى فيها عباده المؤمنين بدخول مكة ، وذلك في قوله
تعالى : ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ
وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ
ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح/27، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة هذه
الآية تذكر نعمة الله تعالى عليه وعلى أصحابه بصلح الحديبية أولا ، ثم بفتح مكة
ودخول المسجد الحرام على وجه الأمان ، وتذكر صدق وعد الله تعالى لنبيه وأنه عز وجل
لا يخلف وعده ولا ميعاده .
3-
لو
كان غرض النبي صلى الله عليه وسلم من قراءتها هو استحضار نية النصر على الأعداء
لأمر بذلك أصحابه أيضا كي يعلمهم هذه السنة ويكونوا أقرب إلى الإجابة .
نسأل الله أن يفرج عن إخواننا المسلمين في كل مكان ، وأن يرفع عن أهل غزة ما هم فيه
من البلاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وانظر جواب السؤال رقم :
(110715)
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة