لا يثبت الزنا بالشهادة إلا إذا كان الشهود أربعة رجال
السؤال: 128448
ذكرتم في إجابة السؤال رقم ( 72338 ) أن حد الاغتصاب هو حد الحرابة . مع أن الاغتصاب هو نوع من أنواع الزنا ، وعليه فيطبق فيه حكم الزنا ، لا سيما إذا لم يستخدم المغتصب أي نوع من أنواع الأسلحة . فما دليلكم على أن حد الاغتصاب هو حد الحرابة؟ وهل كان هدي الصحابة ضرورة أن يشهد أربعة شهود على الجريمة ، وإذا كان كذلك فأنّى للمرأة أن تحضر الشهود؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
المغتصب إذا لم يحمل السلاح فإنه يحد حد الزنى ، وهذا مضمون ما ذكرناه في السؤال
رقم (72338)
، وفيه قولنا : ” كون المغتصب عليه حد الزنا ، هذا ما لم يكن اغتصابه بتهديد السلاح
، فإن كان بتهديد السلاح فإنه يكون محارباً ” انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم (41682)
.
ثانياً :
يشترط لإقامة حد الزنا : ثبوته ، وذلك إما بشهادة أربعة رجال ، أو بالإقرار ، أو
بظهور الحمل مع انتفاء الشبهة وانتفاء دعوى الغصب والإكراه على الراجح .
والدليل على اشتراط أربعة شهود : قوله تعالى : ( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ
الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ)
النساء/15، وقوله : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا
بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا
لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) النور/4 ، وقوله : (
لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا
بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) النور/13 .
وروى مسلم (1498) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ
رضي الله عنه قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا
أَؤُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ؟ قَالَ : (نَعَمْ) .
وثبوت الزنا بشهادة الشهود أمر متعذر ؛ لأنه من الصعب أن يوجد أربعة يشهدون وقوع
إيلاج الفرج في الفرج .
ولهذا قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
ولم يثبت الزنا بطريق الشهادة من فجر الإسلام إلى وقته ، وإنما ثبت بطريق الإقرار ؛
لأن الشهادة صعبة ، كما سيتبين إن شاء الله ” انتهى من “الشرح الممتع” (14/257) .
ثم
قال : ” فلو قالوا: رأيناه عليها متجردين ، فإن ذلك لا يقبل حتى لو قالوا : نشهد
بأنه قد كان منها كما يكون الرجل من امرأته ، فإنها لا تكفي الشهادة ، بل لا بد أن
يقولوا : نشهد أن ذكره في فرجها ، وهذا صعب جدا ، مثلما قال الرجل الذي شُهِدَ عليه
في عهد عمر : لو كنت بين أفخاذنا لم تشهد هذه الشهادة ، وأظن هذا لا يمكن ، ولكن لا
أدري هل يمكن بالوسائل الحديثة أم لا كالتصوير ؟ الظاهر أنه لا يمكن أيضاً ؛ لأن
الذي تدركه الصورة تدركه العين ، فإذا لم تدركه العين لم تدركه الصورة ، ولهذا يقول
شيخ الإسلام : إنه لم يثبت الزنا عن طريق الشهادة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم
إلى عهده، وإذا لم يثبت من هذا الوقت إلى ذاك الوقت ، فكذلك لا نعلم أنه ثبت بطريق
الشهادة إلى يومنا هذا ؛ لأنه صعب جدا.
فلو
شهد الأربعة بأنهم رأوه كما يكون الرجل على امرأته ، فإنه لا يحد للزنا ، ولكن هل
نقول : إن هذه تهمة قوية بشهادة هؤلاء الشهود العدول ، فيعزر؟ نعم ، فإذا لم يثبت
الزنا الذي يثبت به الحد الشرعي ، فإنه يعزر لأجل التهمة ” انتهى من “الشرح الممتع”
(14/271) .
والمغتصب إذا لم يقر بالزنا ، ولم تقم البينة على زناه ، فإن للحاكم أن يعزره إذا
وجدت التهمة والقرائن على فجوره وفساده .
ولو
قُدّر نجاته من العقوبة في الدنيا ، فإن ذلك لا يلغي عقوبة الآخرة إلا أن يشاء الله
تعالى .
ولله الحكمة التامة في ما شرع من اشتراط الشهود مع تعذر ذلك ، والمراد عدم إشاعة
هذه الفاحشة ، فإن المنكر إذا تكرر ظهوره وكثرت فيه الدعاوى والإثباتات وتعددت
الحالات فإنه يسهل على النفوس اقترافه .
قال
في “الهداية” : “ولأن في اشتراط الأربعة يتحقق معنى الستر وهو مندوب إليه والإشاعة
ضده” .
قال
ابن الهمام في “فتح القدير” (5/214) : ” أما إن فيه تحقيق معنى الستر فلأن الشيء
كلما كثرت شروطه قلّ وجوده , فإن وجوده إذا توقف على أربعة ليس كوجوده إذا توقف على
اثنين منها فيتحقق بذلك الاندراء ” انتهى .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة