مَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئَة فعَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ عمل بِهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
السؤال: 128686
إذا مات شخص ، وترك أفعالا وأشياء سيئة هل تتراكم هذه السيئات ؟ بمعنى : إذا كان هناك أب نموذج سيء لأبنائه ، وأبناؤه شبوا على نفس سلوكيات أبيهم ، فهل هذا الأب يتحمل أوزار أبنائه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا
مات العبد ، وقد فعل أفعالا مخالفة للشرع ، فاقتدى به فيها غيره من ولد أو صاحب أو
جار أو غيرهم : فإن عليه وزر ما فعل ، ووزر من فعل فعله مقتديا به فيه ، من غير أن
ينقص من
أوزارهم شيء ؛
لما
رواه مسلم (1017) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ سَنَّ فِي
الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ
مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ . وَمَنْ سَنَّ فِي
الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ
وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) .
قال
ابن علان :
“(ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة) : معصية وإن قلَّت ، بأن فعلها فاقتِدي به فيها ،
أو دعا إليها ، أو أعان عليها (كان عليه وزرها) أي : وزر عملها (ووزر من عمل بها من
بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)” انتهى .
“دليل الفالحين” (2/136).
وقال الشيخ ابن عثيمين :
“فيه التحذير من السنن السيئة ، وأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها
إلى يوم القيامة ، حتى لو كانت في أول الأمر سهلة ثم توسعت فإن عليه وزر هذا التوسع
، مثل لو أن أحدا من الناس رخص لأحد في شيء من المباح الذي يكون ذريعة واضحة إلى
المحرم وقريبا ، فإنه إذا توسع الأمر بسبب ما أفتى به الناس فإن عليه الوزر ، ووزر
من عمل بها إلى يوم القيامة ” انتهى .
“شرح رياض الصالحين” (ص 199) .
وعن
ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : (لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ
الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ)
رواه البخاري (3336) ومسلم (1677) .
قال
النووي :
“وَهَذَا الْحَدِيث مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام , وَهُوَ : أَنَّ كُلّ مَنْ
اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ الشَّرّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ اِقْتَدَى
بِهِ فِي ذَلِكَ الْعَمَل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة” انتهى .
فالأب الذي أساء تربية أولاده ، وكان قدوة سيئة لهم ، واقتدوا به في سلوكياته في
المنحرفة ، يتحمل وزر أولاده ، لأنه هو السبب في انحرافهم ، وعلى الأولاد أيضاً وزر
أفعالهم كاملاً ، لا ينتقص منها شيء .
وقد
كان الواجب على هذا الأب أن يحسن تربية أولاده ، ويقوم بالمسؤولية التي أوجبها الله
عليه خير قيام .
وقد
قال رَسُولَ
اللَّهِ
صَلَّى
اللَّهُ
عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
: (
كُلُّكُمْ
رَاعٍ،
وَكُلُّكُمْ
مَسْئُولٌ
عَنْ
رَعِيَّتِهِ… وَالرَّجُلُ
رَاعٍ
عَلَى
أَهْلِ
بَيْتِهِ
وَهُوَ
مَسْئُولٌ
عَنْ
رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (7138) ومسلم (1829) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
”
الرجل راع في أهل بيته ، في زوجته ، في ابنه ، في بنته ، في أخته ، في عمته ، في
خالته ، كل من في بيته ، هو راع في أهل بيته ، ومسؤول عن رعيته ، يجب عليه أن
يرعاهم أحسن رعاية ، لأنه مسؤول عنهم ” انتهى .
“شرح رياض الصالحين” (ص 337) .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟