0 / 0
28,64723/11/2009

تدريس قصة أدبية : بطلها خنزير!!

السؤال: 129008

أعيش فى الغرب مع أطفالي ، وحرصت أن ألحقهم بالمدارس الإسلامية ، وقد قام أحد المدرسين المسلمين باختيار قصة تدور أحداثها حول ” خنزير ” ، وعند التحدث مع المعلم حول هذا الأمر : احتج بأن القصة مستواها الأدبي راقٍ جدّاً ، ونحن لا نقول للأطفال كلوا لحم الخنزير ، فلا يَرى مانعا من تدريس هذه القصة ، فهل هناك محذور شرعي من تدريس هذه القصص التي تدور أحداثها حول خنزير ؟ .
وللمعلومية اسم القصة Charlotte’s Web

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

” تبدأ القصة ـ المشار إليها ـ عندما تضع أنثى الخنزير ! الخاصة بالمزارِع ” جون أربلز ” بضعة خنازير صغيرة ، ومع الوقت يلاحظ ” أربلز ” أن أحدها قزم ، ولا ينمو بالشكل المطلوب ، فيقرر قتله ، في ذلك الوقت ترجوه ابنته البالغة من العمر ثماني سنوات أن لايقوم بقتله ، فيقرر والدها أن يمنحها الخنزير الصغير كحيوان أليف لها ! ، بدورها تطلق عليه اسم ” ويبر ” ، يظل ” ويبر ” مع ” فيرن ” لعدة أسابيع ، ثم يقرر والدها أن يبيعه لعمها ، وتداوم ” فيرن ” على زيارة ” ويبر ” في مزرعة عمها وقتما استطاعت ، إلا أن ” ويبر ” يزداد شعوره بالوحدة يوماً بعد الآخر ، في نهاية المطاف يستمع ” ويبر ” لصوت دافئ ، يخبره أنه بامكانها أن تكون صديقة له ، هذا الصوت هو لـ ” شارلوت ” ، أنثى العنكبوت الرصاصية ، وسرعان ما يصبح ” ويبر ” جزءً من مجتمع حيوانات المزرعة ، وفي يوم يخبره ” خروف عجوز ” ! أنه – أي : ” ويبر ” – سوف يذبح ليقدم كوجبة رئيسية في ” الكريسماس ” ! ، يصاب ” ويبر ” بالهلع ، فيهرع إلى ” تشارلوت ” طلباً للمساعدة ، يخطر على بال ” شارلوت ” فكرة ، وهي : كتابة كلمات على الشبكة التي تحيكها تبيِّن فيها مدى تفوق وتميُّز ” الخنزير ويبر ” ، وهي ” بعض الخنازير ” رائعة ” ، ” متوهجة ” ، ” متواضعة ” ، وكانت حجتها أنه اذا صار ” ويبر ” شهيراً : فإنه من الصعب أن يتم ذبحه حينها ، وبفضل ” تشارلوت ” : فإن ” ويبر ” لم يتم ذبحه فحسب بل صار حديث المقاطعة بأسرها ، بل وربح جائزة خاصة في ” كرنفال ” ! المقاطعة ، وبسبب فترة العمر القصيرة للعناكب : تموت العنكبوت ” تشارلوت ” ، ويحزن ” ويبر ” ، وحيوانات المزرعة ، ويتعهد بحماية كيس البيض الذي وضعته ” تشارلوت ” ، وعندما يفقس بيض ” تشارلوت ” في المزرعة : تخرج منها العناكب الصغيرة منتشرة في أماكن أخرى ، حيث تبدأ كل منها حياتها الخاصة ، باستثناء ثلاث عناكب صغيرة تقرر البقاء في المزرعة ؛ ليكونوا أصدقاء ” ويبر ” وهم ” جوي ” ، ” أرانيا ” ، و ” نيللي ” .

انتهى من الموسوعة ” ويكبيديا ” !

ثانيا :

من المعلوم للخاص والعام أن الله عز وجل حرم في كتابه أكل لحم الخنزير على المسلم ، ووصفه بأن رجس ، أي : نجس ؛ وهذا غاية ما يوصف به في مقام الإهانة والتنفير منه ، ولقد صار النفور منه علامة لحرص المسلم على دينه ، وتعظيمه والرغبة في أكله واقتنائه ، شعار للنصارى وغيرهم .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام ، الذي يزعم النصارى أنهم أتباع له ، سوف ينزل آخر الزمان : فلا يقبل من أحد إلا الإسلام ، ويبطل شعار الكفر ، ومنه الصليب والخنزير :

( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ : لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .

رواه البخاري (2222) ومسلم (155) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

قال المهلب في شرحه :

” قال المهلب : هذا وعد من النبى – عليه السلام – بنزول عيسى ابن مريم إلى الأرض ، وفيه من الفقه كسر نصب المشركين وجميع الأوثان ، وإنما قصد إلى كسر الصليب وقتل الخنزير من أجل أنهما فى دين النصارى المغترين المعتدين فى شريعتهم إليه ، فأخبر النبى أن عيسى سيغير ما نسبوه إليه، كما غيره محمد وأعلمهم أنهم على الباطل في ذلك ” . انتهى.

“شرح صحيح البخاري” ، لابن بطال (6/604) .

وقال الإمام النووي رحمه الله :

” ( فيكسر الصليب ) معناه : يكسره حقيقة ، ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه . وفيه دليل على تغيير المنكرات والآت الباطل . وقتل الخنزير من هذا القبيل .

وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور : أنا اذا وجدنا الخنزير فى دار الكفر أوغيرها وتمكنا من قتله قتلناه .. ” انتهى . “شرح مسلم” (2/190) .

ولذلك صرح الفقهاء في كتبهم بأن الخنزير من شعار أهل الكفر ، الذي لا ينبغي إظهاره في دار الإسلام . قال الخطيب الشربيني رحمه الله :

” ويمنع الكافر مِنْ إسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلًا شِرْكًا ؛ كَقَوْلِهِمْ : اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا … وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ ، وَهُوَ مَا تَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ … ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَإِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ ” انتهى .

“مغني المحتاج” (4/257) .

والشاهد من ذلك كله : أن المسألة ليست هي مجرد أكل لحم الخنزير من عدمه ؛ بل إن الشرع قد جاء بإهانة الخنزير وتحقيره وقتله ، وجعله تعظيمه وإكرامه من شعار الكفر ، لا إكرامه وعرضه في مثل هذه الصورة الموحية بالتعاطف معه ـ في أقل الأحوال ـ ؛ فالواجب أن يكون هذا المعنى هو الذي يقرر ويغرس في نفوس الطلاب ، وذلك يتنافى مع تدريسهم لمثل هذه القصة ؛ ولا شك أن المدرس الذي قرر ذلك لم يكن مصيبا في وجهة نظره ؛ وأما الفائدة الأدبية ، والأسلوب البليغ الذي قد تتميز به : فهذا يسهل تحصيله ، وتحصيل ما هو أرقى وأرفع منه في عشرات ، بل ومئات القصص الأدبية التي تخلو من مثل ذلك المحذور .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android