0 / 0
96,36312/03/2009

هل يُسأل من به مس من الجن عن أعماله المخالفة للشرع ؟

السؤال: 129150

لو أن رجل مسلم به مس من جني غير مسلم وكان يجعله ينتقد الإسلام والمسلمين ويبعده عن الصلاة والعبادات – فما مدى مسؤولية هذا الرجل عن سيئات أعماله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

دخول الجن في الإنس ، وتلبسه به ، وصرعه له ، ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة ، وليس في أئمة المسلمين من ينكر ذلك ، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

وقد سبق تفصيل ذلك . أنظر جواب السؤال رقم (1819) ورقم(121276) .

سئلت اللجنة الدائمة :

هناك رجل يصاب بالصرعة فيغمى عليه ساعات ، وفي ذات يوم طرد زوجته وأخذ البندقية ورمى نفسه فمات ، فهل يعتبر في حكم القاتل نفسه ، وهل عليه شيء من صيام أو صدقة حتى يقوم به الورثة ؟

فأجابت اللجنة :

” إذا كان ما وقع منه من قتله نفسه بالبندقية في الوقت الذي حصل فيه معه الصرع فلا شيء عليه مطلقا ولا على ورثته ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة … الحديث . وذكر منهم : ( المجنون حتى يفيق ) انتهى .

“فتاوى اللجنة الدائمة” (22/251-252)

فإذا كان به من المس بحيث صار به في حد من لا يعقل ، أو لا يدرك ما يقول ويفعل ، فهو معذور ، وقد رفع عنه القلم حتى يفيق ؛ لأنه يشبه المجنون ، وقد روى أبو داود (4398) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ ) . صححه الألباني في “صحيح الجامع” (3513) وغيره .

وأما إذا كان به مع المس بعض عقله ، بحيث أنه يدرك بعض الإدراك ، ويفهم بعض الفهم ، فهو مسئول عما يقول ويفعل بحسب إدراكه وفهمه ، وعلى من يلي أمره مراعاة ذلك ، والحرص على العناية به وتذكيره .

وهكذا الحال إذا كان يصرفه عن بعض الصلوات ، أو يشغله عنها ، أو يتسلط عليه حتى يفوت وقتها ، فالواجب عليه أن يصليها متى زال عنه هذا السبب العارض إلا أن يبقى على ذلك أياماً ، ويغيب عن إدراكه وقصده مدة طويلة ، وهذا نادر الحدوث في حالات الصرع المعتادة ، فمثل هذا لا يكلف بقضاء .

سئل الشيخ ابن جبرين :

بعض المرضى المصابين بالصرع أو السحر يمكثون فترة تزيد عن الثلاث أيام بلياليها دون وعي أو إدراك ، فما حكم ما فاتهم من صلاة خلال تلك الفترة ؟

فأجاب :

” هذه الفترة الطويلة لا تكليف عليهم فيها فلا يقضون ما تركوه من الصلاة ونحوها لفقد العقل ومشقة القضاء ؛ فقد يمكث أحدهم في الغيبوبة مدة طويلة فيلحق بمن رفع عنه القلم . وأكثر ما روي قضاء عمار لما أغمي عليه ثلاثة أيام فقضاها . والأصل براءة الذمة لعدم التمكن فلا يلحقه ذنب ” انتهى .

انتهى من موقع الشيخ .

http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=12858&parent

ولا بد أن يُعلم أنه ما تسلط الجني الكافر على الإنسي المسلم إلا لبعده عن القرآن ، وغفلته عن ذكر الله ، وإنما سمي الشيطان بـ ( الوسواس الخناس ) من هذا ؛ حيث إنه إذا ذكر العبد ربه خنس ، وإذا غفل عن الذكر وسوس ، فإذا طالت غفلته صرع ولبس .

قال ابن القيم :

” أكثرُ تسلطِ الأرواح الخبيثةِ على أهلهِ تكون من جهة قِلَّةِ دينِهم ، وخرابِ قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذِّكرِ ، والتعاويذِ ، والتحصُّناتِ النبوية والإِيمانيَّة ، فَتَلْقَى الروحُ الخبيثةُ الرجلَ أعزلَ لا سلاح معه ، وربما كان عُرياناً فيُؤثر فيه هذا .

ولو كُشِفَ الغِطاء ، لرأيتَ أكثرَ النفوسِ البَشَريةِ صَرْعَى هذه الأرواحِ الخبيثةِ ، وهى في أسرِها وقبضتِها تسوقُها حيثُ شاءتْ ، ولا يُمكنُها الامتناعُ عنها ولا مخالفتها ، وبها الصَّرْعُ الأعظمُ الذي لا يُفيقُ صاحبُه إلا عند المفارقةِ والمعاينةِ ، فهناك يتَحقَّقُ أنه كان هو المصروعَ حقيقةً ، وبالله المستعان ” انتهى .

“زاد المعاد” (4/69)

وعلى ذلك : فالواجب التحصن بالقرآن ، والأذكار والأوراد الشرعية ، كأذكار الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم ، والأذكار العامة التي لا يزال لسان المسلم بها رطبا.

وعلى من يقوم بأمر هذا المبتلى – عافاه الله – أن يلقنه ذلك في حال صحوه ، ولا يتركه على هذه الحال ، كما أن عليه أن يحجبه عن مجامع الناس ما استطاع ؛ حتى لا يتفوه بما يتفوه به من المنكر ، والله المسئول أن يعافيه مما ابتلي به ، ويكشف الضر عنه .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android