هل يُسأل من به مس من الجن عن أعماله المخالفة للشرع ؟
السؤال: 129150
لو أن رجل مسلم به مس من جني غير مسلم وكان يجعله ينتقد الإسلام والمسلمين ويبعده عن الصلاة والعبادات – فما مدى مسؤولية هذا الرجل عن سيئات أعماله ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
دخول الجن في الإنس ، وتلبسه به ، وصرعه له ، ثابت
باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة ، وليس في أئمة المسلمين من ينكر ذلك ، كما ذكر شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وقد سبق تفصيل ذلك . أنظر جواب السؤال رقم (1819)
ورقم(121276)
.
سئلت اللجنة الدائمة :
هناك رجل يصاب بالصرعة فيغمى عليه ساعات ، وفي ذات
يوم طرد زوجته وأخذ البندقية ورمى نفسه فمات ، فهل يعتبر في حكم القاتل نفسه ، وهل
عليه شيء من صيام أو صدقة حتى يقوم به الورثة ؟
فأجابت اللجنة :
” إذا كان ما وقع منه من قتله نفسه بالبندقية في
الوقت الذي حصل فيه معه الصرع فلا شيء عليه مطلقا ولا على ورثته ؛ لعموم قوله صلى
الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة … الحديث . وذكر منهم : ( المجنون حتى يفيق
) انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (22/251-252)
فإذا كان به من المس بحيث صار به في حد من لا يعقل
، أو لا يدرك ما يقول ويفعل ، فهو معذور ، وقد رفع عنه القلم حتى يفيق ؛ لأنه يشبه
المجنون ، وقد روى أبو داود (4398) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( رُفِعَ الْقَلَمُ
عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمُبْتَلَى
حَتَّى يَبْرَأَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ ) . صححه الألباني في “صحيح
الجامع” (3513) وغيره .
وأما إذا كان به مع المس بعض عقله ، بحيث أنه يدرك
بعض الإدراك ، ويفهم بعض الفهم ، فهو مسئول عما يقول ويفعل بحسب إدراكه وفهمه ،
وعلى من يلي أمره مراعاة ذلك ، والحرص على العناية به وتذكيره .
وهكذا الحال إذا كان يصرفه عن بعض الصلوات ، أو
يشغله عنها ، أو يتسلط عليه حتى يفوت وقتها ، فالواجب عليه أن يصليها متى زال عنه
هذا السبب العارض إلا أن يبقى على ذلك أياماً ، ويغيب عن إدراكه وقصده مدة طويلة ،
وهذا نادر الحدوث في حالات الصرع المعتادة ، فمثل هذا لا يكلف بقضاء .
سئل الشيخ ابن جبرين :
بعض المرضى المصابين بالصرع أو السحر يمكثون فترة
تزيد عن الثلاث أيام بلياليها دون وعي أو إدراك ، فما حكم ما فاتهم من صلاة خلال
تلك الفترة ؟
فأجاب :
” هذه الفترة الطويلة لا تكليف عليهم فيها فلا
يقضون ما تركوه من الصلاة ونحوها لفقد العقل ومشقة القضاء ؛ فقد يمكث أحدهم في
الغيبوبة مدة طويلة فيلحق بمن رفع عنه القلم . وأكثر ما روي قضاء عمار لما أغمي
عليه ثلاثة أيام فقضاها . والأصل براءة الذمة لعدم التمكن فلا يلحقه ذنب ” انتهى .
انتهى من موقع الشيخ .
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=12858&parent
ولا بد أن يُعلم أنه ما تسلط الجني الكافر على
الإنسي المسلم إلا لبعده عن القرآن ، وغفلته عن ذكر الله ، وإنما سمي الشيطان بـ (
الوسواس الخناس ) من هذا ؛ حيث إنه إذا ذكر العبد ربه خنس ، وإذا غفل عن الذكر وسوس
، فإذا طالت غفلته صرع ولبس .
قال ابن القيم :
” أكثرُ تسلطِ الأرواح الخبيثةِ على أهلهِ تكون من
جهة قِلَّةِ دينِهم ، وخرابِ قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذِّكرِ ، والتعاويذِ ،
والتحصُّناتِ النبوية والإِيمانيَّة ، فَتَلْقَى الروحُ الخبيثةُ الرجلَ أعزلَ لا
سلاح معه ، وربما كان عُرياناً فيُؤثر فيه هذا .
ولو كُشِفَ الغِطاء ، لرأيتَ أكثرَ النفوسِ
البَشَريةِ صَرْعَى هذه الأرواحِ الخبيثةِ ، وهى في أسرِها وقبضتِها تسوقُها حيثُ
شاءتْ ، ولا يُمكنُها الامتناعُ عنها ولا مخالفتها ، وبها الصَّرْعُ الأعظمُ الذي
لا يُفيقُ صاحبُه إلا عند المفارقةِ والمعاينةِ ، فهناك يتَحقَّقُ أنه كان هو
المصروعَ حقيقةً ، وبالله المستعان ” انتهى .
“زاد المعاد” (4/69)
وعلى ذلك : فالواجب التحصن بالقرآن ، والأذكار
والأوراد الشرعية ، كأذكار الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم ،
والأذكار العامة التي لا يزال لسان المسلم بها رطبا.
وعلى من يقوم بأمر هذا المبتلى – عافاه الله – أن
يلقنه ذلك في حال صحوه ، ولا يتركه على هذه الحال ، كما أن عليه أن يحجبه عن مجامع
الناس ما استطاع ؛ حتى لا يتفوه بما يتفوه به من المنكر ، والله المسئول أن يعافيه
مما ابتلي به ، ويكشف الضر عنه .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة