أعرف أن المسلم الذي يموت دفاعاً عن نفسه فهو شهيد ، ولو مات غريقاً ، أو مات ببطنه : فهو شهيد أيضاً ، لكن ما هو حال مَن مات على غِرَّة ، ولم يكن قد منح الوقت ليأخذ قرار الدفاع عن النفس ، كمن قُتل من الخلف ، فهل يعدُّ هذا شهيداً أيضاً ؟ وما حال من سقطت المتفجرات على بيوتهم مثل الناس في غزة دون توقع منهم ، ولم يعطوا الفرصة للدفاع عن أنفسهم ، فهل هم أيضاً في عداد الشهداء ؟ .
هل المسلم المقتول ظلماً أو غدراً أو هدم عليه بيته يكون شهيداً؟
السؤال: 129214
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
كل مسلم يقتل ظلماً فله أجر الشهيد في الآخرة ، وأما في الدنيا : فإنه يغسَّل ، ويصلَّى عليه ، ولا يُعامل معاملة قتيل المعركة .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 29 / 174 ) :
"ذهب الفقهاء إلى أن للظلم أثراً في الحكم على المقتول بأنه شهيد ، ويُقصد به غير شهيد المعركة مع الكفار ، ومِن صوَر القتل ظلماً : قتيل اللصوص ، والبغاة ، وقطَّاع الطرق ، أو مَن قُتل مدافعاً عن نفسه ، أو ماله ، أو دمه ، أو دِينه ، أو أهله ، أو المسلمين ، أو أهل الذمة ، أو مَن قتل دون مظلمة ، أو مات في السجن وقد حبس ظلماً .
واختلفوا في اعتباره شهيد الدنيا والآخرة ، أو شهيد الآخرة فقط ؟ .
فذهب جمهور الفقهاء إلى أن مَن قُتل ظلماً : يُعتبر شهيد الآخرة فقط ، له حكم شهيد المعركة مع الكفار في الآخرة من الثواب ، وليس له حكمه في الدنيا ، فيُغسَّل ، ويصلَّى عليه" انتهى .
ولا يشترط لتحصيل ثواب الشهداء أن يواجه المظلوم أولئك المعتدين ، فإن قتلوه على حين غِرَّة : كان مستحقّاً لثواب الشهداء إن شاء الله .
ومما يدل على ذلك : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهي يصلي الفجر بالمسلمين ، وعثمان بن عفان رضي الله عنه ، قتله الخارجون عليه ظلماً ، وقد وصفهما النبي صلى الله عليه وسلم بأنهما شهداء .
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى " أُحُدٍ " وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ، قَالَ : (اثْبُتْ أُحُدُ ، فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ ، أَوْ صِدِّيقٌ ، أَوْ شَهِيدَانِ) رواه البخاري (3483) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" (فالنبي) هو عليه الصلاة والسلام ، و(الصدِّيق) : أبو بكر، و(الشهيدان) : عمر ، وعثمان ، وكلاهما رضي الله عنهما قُتل شهيداً ، أما عمر : فقُتل وهو متقدم لصلاة الفجر بالمسلمين ، قُتل في المحراب ، وأما عثمان : فقُتل في بيته ، فرضي الله عنهما ، وألحقنا وصالح المسلمين بهما في دار النعيم المقيم" انتهى .
" شرح رياض الصالحين " (4 / 129 ، 130) .
ثانياً :
أما إخواننا في غزة الذين تهدمت عليهم بيوتهم ، فإننا نرجو أن يكونوا شهداء ، وذلك لأمور:
1- أنهم قتلوا مظلومين.
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صَاحِبُ الْهَدْمِ شَّهِيدُ) رواه البخاري ( 2674 ) ومسلم ( 1914 ) .
3- أنهم قتلوا على أيدي الكفار المحاربين لهم .
قال الأستاذ عبد الرحمن بن غرمان بن عبد الله حفظه الله :
"ذهب الجمهور ، من الحنفية ، والحنابلة ، والصحيح من مذهب المالكية ، وقول عند الشافعية: إلى أن مقتول الحربي بغير معركة : شهيد على الإطلاق ، بأي صورة كان ذلك القتل ، سواء كان غافلاً ، أو نائماً ، ناصبه القتال ، أو لم يناصبه ….
والذي يظهر لي – والله تعالى أعلم – رجحان قول الجمهور ؛ لأن اشتراط القتل في المعترك: ليس عليه دليل بيِّن" انتهى باختصار من " أحكام الشهيد في الفقه الإسلامي " (103 – 106) .
نسأل الله تعالى أن يتقبلهم شهداء ، وأن يجعل الدائرة على اليهود الغاصبين .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب