لا حرج في دفع الزكاة للوالد المدين ليقضي دينه
السؤال: 130207
أنا رجل متزوج وعندي مال أزكيه كل سنة ، فهل لي أن أعطي والدي زكاة مالي ليقضي به دينه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الأصل أنه لا يجوز صرف الزكاة للأصول ، وهم الأب والأم والأجداد والجدات . وكذا لا
يجوز صرفها للفروع وهم : الأبناء والبنات وأولادهم ; وذلك لأن نفقتهم واجبة ,
فيستغنوا بها عن أخذ الزكاة .
قال
ابن قدامة : “ولا يعطى من الصدقة المفروضة للوالدين , وإن علوا , ولا للولد , وإن
سفل قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين ,
في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم , ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم
عن نفقته , وتسقطها عنه , ويعود نفعها إليه , فكأنه دفعها إلى نفسه , فلم تجز..”
انتهى من المغني (2/269) بتصرف يسير .
وهذا إذا كان يعطيهم الزكاة ليسقط بذلك واجباً عن نفسه وهو النفقة عليهم ، أما قضاء
دين الوالدين فغير واجب على الولد ، فلا حرج أن يعطيهما زكاته لقضاء الدين .
جاء
في “الموسوعة الفقهية” (23/177) : “وقيد المالكية والشافعية وابن تيمية من الحنابلة
الإعطاء الممنوع بسهم الفقراء والمساكين , أما لو أعطى والده أو ولده من سهم
العاملين أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة فلا بأس .
وقالوا أيضاً : إن كان لا يلزمه نفقته جاز إعطاؤه” انتهى .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل
يصح لي إخراج زكاة المال إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم
والدتي بعد وفاة والدنا رحمه الله ؟ وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني غير
القاصرين ، ولكني أشعر أنهم محتاجون إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس ، أدفع لهم
هذه الزكاة ؟
فأجاب :
“إن
دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك
؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم .
وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز ، فإذا قدر أن
هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء ، وأن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم ؛ فلا
حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك . وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون
للناس وقضيت دينهم من زكاتك ، فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً ؛ وذلك لأن الديون لا
يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه ، فيكون قضاؤها من زكاته أمراً مجزياً حتى
ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه ، فإنه يجوز لك أن تقضيه من
زكاتك ، أي يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك ، ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك بشرط
أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك ، فإن كان سببه تحصيل نفقة
واجبة عليك ، فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك ؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع
الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته ” انتهى من
“مجموع الفتاوى” (14/311) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دفع الإنسان زكاته إلى أصله وفرعه ؟
فأجاب : “دفع الزكاة إلى أصله وفرعه أعني آباءه وأمهاته وإن علوا ، وأبناءه وبناته
وإن نزلوا إن كان لإسقاط واجب عليه لم تجزئه ، كما لو دفعها ليسقط عنه النفقة
الواجبة لهم عليه إذا استغنوا بالزكاة ، أما إن كان في غير إسقاط واجب عليه ، فإنها
تجزئه ، كما لو قضى بها ديناً عن أبيه الحي ، أو كان له أولاد ابن وماله لا يحتمل
الإنفاق عليهم وعلى زوجته وأولاده ، فإنه يعطي أولاد ابنه من زكاته حينئذ ؛ لأن
نفقتهم لا تجب عليه في هذه الحال ، وبذل الزكاة للأصول والفروع في الحال التي تجزئ
أولى من بذلها لغيرهم ؛ لأن ذلك صدقة وصلة ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (18/415) .
والحاصل : يجوز للولد دفع زكاة ماله لوالده وكذا العكس ، إذا كان عليه دين لا يقدر
على سداده .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟