أنا ولد وأشتاق إلى أحد أصدقائي. فهل يجوز أن أقول إني أشتاق له حتى لو كان ولداً أم أن هذا اللفظ لا يستخدم إلا مع النساء أو الأقارب ؟
هل يصح أن يقول عن صديقه : إني مشتاق إليه ؟
السؤال: 130413
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الشوق درجة عالية من درجات المحبة .
وقد ورد في السنة ، وفي كلام السلف ، وفي لسان العرب إطلاقه على مختلف الأشياء التي تتطلع إليها النفوس ، وتحنّ إليها القلوب .
فروى النسائي (1305) عن عَمَّار بْن يَاسِرٍ رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا ، فكان من دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ) وصححه الألباني في “صحيح النسائي” .
فأطيب شيء في الدنيا هو الشوق إلى لقاء الله سبحانه ، وأطيب شيء في الآخرة هو النَّظر إلى وجهه الكريم .
قال ابن القيم :
” محبة الله سبحانه والأنس به والشوق إلى لقائه والرضا به وعنه : أصل الدين وأصل أعماله وإراداته ” انتهى .
“إغاثة اللهفان” (2/ 195) .
وروى أحمد (3450) بسند صحيح – وأصله في الصحيحين – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى مَرَّ بِغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَعَطِشَ النَّاسُ وَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ، ثُمَّ شَرِبَ فَشَرِبَ النَّاسُ .
تتوق : تشتاق .
“تاقَت نفْسي إلى الشيء أي : اشتاقت … ونفْس توَّاقةٌ مُشْتاقةٌ “
“لسان العرب” (10/33) مادة : ” توق ” .
وروى ابن المبارك في “الزهد” (1302) بسند صحيح عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: ” ما دخل وقت صلاة قط حتى أشتاق إليها ” .
وأنشد أحمد بن علي المقرئ في الإمام أحمد ، في أثناء قصيدة له :
فقلت في الحال ذاك ابنُ حنبلٍ إمامٌ تقيٌ زاهدٌ متـــورعُ
وإني لمشـــتاقٌ إليه فدلّني ففي النفس حاجاتٌ إليه تسرعُ
“ذيل طبقات الحنابلة” – (ص /18)
وجاء بعض رسل الخليفة المتوكل بعد انفراج محنة خلق القرآن يقول للإمام أحمد :
” أمير المؤمنين مشتاق إليك … إلخ” .
“سير أعلام النبلاء” (11/276)
وقال سامة بن لؤيٍ :
بلغَا عامراً وكعباً رسولاً أنَّ نفسي إليهما مشتاقة
“أمالي الزجاجي” (ص / 12)
فليس معنى الاشتياق مقصورا على الشوق إلى النساء .
فلا بأس أن تقول عن صاحبك : إنك مشتاق إليه ، بمعنى أنك تحبه حباً شديداً وتتطلع إلى رؤياه ، على أن لا يتضمن ذلك معنى فاسدا من المعاني المستهجنة التي قد توجد في النفوس المريضة ، نفوس أصحاب الشهوات والغي والفساد .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب