زوجته تعترض على نفقاته على أهله
السؤال: 130599
أمي تطلب مني أشياء كثيرة ، ودائما أنفذ لها ما تريد ، وأحيانا تطلب مبالغ مالية كبيرة ، وتقول لي : إنها سلف ، برغم أني أعلم أنها لن تستطع رد كل هذه المبالغ ، وذلك إما لشراء سيارة حديثة ، أو لمساعدة أخي الأصغر .
مع العلم أني أدفع مبلغاً شهرياً لعلاج أبي ، وأعطي أمي كل ما تطلبه .
زوجتي غير راضية عن ذلك ، وهذا الأمر يسبب لي عددا من المشاكل معها .
هل أنا مخطئ في استمراري على إعطاء أمي ما تطلبه مني ، خاصة وأن أوجه إنفاقه غير مقنعة لي ولزوجتي .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نشكر لك برك بأمك وأبيك ، وحرصك على تلبية طلباتهم ، ونُذكرك بأنَّ حقَّ الوالدين
على الإنسان عظيم ، فقد قرن سبحانه وتعالى حقهما بحقه فقال : (وَقَضَى رَبُّكَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الإسراء/23 .
وأوصى بالإحسان إليهما فقال : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
إِحْسَانًا) الأحقاف/15 .
قال
الشيخ عبد الرحمن السعدي : “وصى الأولاد وعهد إليهم أن يُحسنوا إلى والديهم ،
بالقول اللطيف والكلام اللين ، وبذل المال والنفقة ، وغير ذلك من وجوه الإحسان”
انتهى من “تفسير السعدي” (1 /781) .
وقال تعالى : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ
فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) البقرة/215 .
فنفقة الإنسان على والديه وأقاربه من أولى النفقات وأعظمها أجراً .
وعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ،
فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى
الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ ، وَهُوَ يَقُولُ : (يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا ،
وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، أُمَّكَ وَأَبَاكَ ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ، ثُمَّ
أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) . رواه النسائي (2532) وحسنه الألباني في “الإرواء” (2171) .
وإذا كان والداك فقيرين ، فمن الواجب عليك النفقة عليهما ، وبذل كل ما يحتاجان إليه
من غذاء وملابس ودواء ونحو ذلك .
وقد
سبق بيان وجوب النفقة على الوالدين في جواب السؤال (111892)
، (129344)
.
وأمَّا شراء الكماليات للوالدين فليس من النفقة الواجبة على الابن ، إلا أنَّ بذل
المال لهما في ذلك من الإحسان الذي تُؤجر عليه .
وبما أن الله قد أنعم عليك وفتح لك من أبواب رزقه ، فأهلك هم أولى الناس ببرك
وإحسانك .
وليس من حق زوجتك أن تعترض على ما تقدمه لأهلك من نفقات ومعروف وبر ، إذا كنت تقوم
بأداء النفقة الواجبة عليك تجاه زوجتك وأولادك .
ولكن لزوجتك الحق في الاعتراض إذا كنت تساعد أمك على الإسراف وتضييع المال وشراء ما
لا تحتاج إليه، فإن الله تعالى نهانا عن الإسراف ، وأخبرنا أنه لا يحب المسرفين ،
فقال عز وجل : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31 .
فإذا طلبت منك والدتك شيئاً من المال لتنفقه فيما لا تحتاج إليه فينبغي لك أن لا
تساعدها على ذلك ، بل تلطف معها وأرشدها إلى أهمية الحفاظ على المال وعدم تضييعه .
والحقيقة التي ينبغي أن تعلمها زوجتك ويعلمها جميع المسلمين أن الإنسان كلما أنفق
ماله في مرضات الله فإن الله تعالى يخلف عليه ، ويوسع عليه رزقه ، قال الله تعالى :
(وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
سبأ/39 .
وروى البخاري (1442) ومسلم (1010) عَنْ
أَبِي
هُرَيْرَةَ
رَضِيَ
اللَّهُ
عَنْهُ
أَنَّ
النَّبِيَّ
صَلَّى
اللَّهُ
عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
قَالَ
:
(مَا
مِنْ
يَوْمٍ
يُصْبِحُ
الْعِبَادُ
فِيهِ
إِلَّا
مَلَكَانِ
يَنْزِلَانِ
فَيَقُولُ
أَحَدُهُمَا
اللَّهُمَّ
أَعْطِ
مُنْفِقًا
خَلَفًا
وَيَقُولُ
الْآخَرُ
اللَّهُمَّ
أَعْطِ
مُمْسِكًا
تَلَفًا) .
قال
النووي رحمه الله : “قال العلماء : هذا في الإنفاق في الطاعات ومكارم الأخلاق وعلى
العيال والضيفان ونحو ذلك بحيث لا يذم ولا يسمى إسرافاً ، والإمساك المذموم هو
الإمساك عن هذا” انتهى .
وقال الله تعالى في الحديث القدسي : (يَا
ابْنَ
آدَمَ
أَنْفِقْ
أُنْفِقْ
عَلَيْك) رواه البخاري (4684) ومسلم (993) .
ففي
هذا الحديث : الحث على الإنفاق في مرضات الله تعالى ، وأن الله يخلف على من أنفق ،
ويوسع عليه من رزقه وخزائنه لا تنفذ .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة