حكم أخذ الأجرة على تعبير الرؤى والمنامات
السؤال: 130734
ما حكم أخذ الأجرة على تعبير الرؤى والمنامات ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز لمن أعطاه الله
موهبة تعبير الرؤى والمنامات أخذ الأجرة على هذا العمل ، وذلك لأمور :
أولاً :
أن تعبير الرؤى منفعة
غير معلومة ولا منضبطة ، والأجرة لا تكون إلا في مقابل عمل له منفعة مقصودة معلومة
، وهو في ذلك يشبه القضاء .
قال ابن قدامة عن
القضاء : “فأما الاستئجار عليه فلا يجوز، قال عمر رضي الله عنه : لا ينبغي لقاضي
المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرا ، وهذا مذهب الشافعي ، ولا نعلم فيه خلافا …؛
ولأنه عمل غير معلوم” انتهى .
“المغني” (11/377) .
ثانياً :
أقرب ما يقاس عليه
تعبير الرؤى هو: الفتوى ، وقد ذهب جمهور العلماء إلى منع المفتي من أخذ الأجرة على
فتواه سواء كان الإفتاء في حقه فرض عين أو كفاية .
جاء في “الموسوعة
الفقهية” (32 /42) :
“وَأَمَّا الأُْجْرَةُ
، فَلاَ يَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْ أَعْيَانِ الْمُسْتَفْتِينَ عَلَى الأَْصَحِّ
عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، قَال
الْحَنَابِلَةُ : لأَِنَّ الْفُتْيَا عَمَلٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ
أَهْل الْقُرْبَةِ ، وَلأَِنَّهُ مَنْصِبُ تَبْلِيغٍ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ،
فَلاَ تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ ، كَمَا لَوْ قَال لَهُ : لاَ أُعَلِّمُكَ
الإِْسْلاَمَ أَوِ الْوُضُوءَ أَوِ الصَّلاَةَ إِلاَّ بِأُجْرَةٍ ، قَالُوا :
فَهَذَا حَرَامٌ قَطْعًا ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الْعِوَضِ ، وَلاَ يَمْلِكُهُ ،
قَالُوا : وَيَلْزَمُهُ الإِْجَابَةُ مَجَّانًا لِلَّهِ بِلَفْظِهِ أَوْ خَطِّهِ
إِنْ طَلَبَ الْمُسْتَفْتِي الْجَوَابَ كِتَابَةً ، لَكِنْ لاَ يَلْزَمُهُ
الْوَرَقُ وَالْحِبْرُ” انتهى .
وقال ابن القيم :
“أما أخذه الأجرة فلا
يجوز له ، لأن الفتيا منصب تبليغ عن الله ورسوله، فلا تجوز المعاوضة عليه” انتهى .
“إعلام الموقعين”
(4/231) .
وتعبير الرؤى نوع من
الإفتاء.
قال الشيخ السعدي :
“علم التعبير من العلوم
الشرعية ، ويثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه ، وتعبير المرائي داخل في الفتوى ،
لقوله للفتيين: (قُضِيَ الأمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) وقال الملك:
(أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ) وقال الفتى ليوسف: (أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ
…) ، فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم” انتهى .
“تفسير السعدي” (1/407)
.
ثالثاً :
لا يصح قياس أخذ الأجرة
على التعبير بأخذ الأجرة على الرقية ؛ لأن الرقية من باب العلاج والمداواة ، وهذه
يصح الاستئجار عليها بالاتفاق .
رابعاً :
استدلال البعض على
الجواز بما جاء في كتاب “مجمع الأنهر” (3/533) في الفقه الحنفي في معرض كلامه عن
أخذ الأجرة على الطاعات قال : “بِخِلَافِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَأَدَاءِ
الزَّكَاةِ وَكِتَابَةِ الْمُصْحَفِ ، وَالْفِقْهِ وَتَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ ،
وَالنُّجُومِ [أي علم معرفة دلالات النجوم على الجهات والأوقات] ، وَالطِّبِّ ،
وَالتَّعْبِيرِ ، وَالْعُلُومِ الْأَدَبِيَّةِ ، فَإِنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ فِي
الْجَمِيعِ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ” انتهى .
فهذا الاستدلال غير
دقيق ؛ لأن المقصود تعليم “علم التعبير” لا تعبير الرؤى ، بدليل قرنه بتعليم الفقه
والكتابة والطب والعلوم الأدبية .
ويوضح ذلك ما جاء في
“الفتاوى الهندية” (4/448) من كتب الحنفية من قوله : “وَلَوْ اسْتَأْجَرَ
لِتَعْلِيمِ وَلَدِهِ الْكِتَابَةَ ، أو النُّجُومَ ، أو الطِّبَّ ، أو
التَّعْبِيرَ ، جَازَ بِالِاتِّفَاقِ” .
والفرق بين تعليم علم
التعبير وتعبير الرؤى، كالفرق بين تعليم العلم الشرعي والإفتاء بالحكم الشرعي .
وقد سئل الشيخ ابن
جبرين رحمه الله تعالى : ما حكم أخذ الأجرة لتعبير الرؤى؟
فأجاب:
“نرى أنه لا يجوز ،
وذلك لأن تعبير الرؤيا يعتمد الظن ، ولا يجوز للمُعبِّر الجزم بالتعبير؛ لاحتمال أن
يكون لها تعبير آخر غير ما يتبادر إلى ظن المعبر ، فلا حاجة إلى أخذ الأجرة على
ذلك”. انتهى من موقع الشيخ .
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?parent=786&subid=711&view=vmasal
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟