عندي بنت متزوجة ، وقد جاءت عندنا هي وزوجها في شهر رمضان ، وبعد أن صمنا أسبوعاً من الشهر ، ذهب زوج ابنتي مع زملائه إلى البر وخالطهم الشيطان فأكلوا وشربوا في نهار رمضان ، وفي صباح اليوم التالي طلب زوج ابنتي من زوجته أن تصنع له طعاماً فأبت ، فحلف عليها بالطلاق أن تصنع ، فحلفت هي الأخرى أن لا تصنع ، وخروجاً من هذا الأمر ، طلبت من زوجة ولدي أن تصنع له طعاماً فامتنعت ، إلا أنني أرغمتها على ذلك ، فصنعت له طعاماً وهي كارهة ، فجلس يأكل وحده ولم نأكل معه ، فهل نحن آثمون في ذلك؟ وما يلزمنا أن نفعل لنكفر عن هذا الإثم؟
أمر زوجته بتجهيز الطعام له في نهار رمضان!!
السؤال: 130828
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
“لا شك أن الإفطار في رمضان بدون عذر شرعي كبيرة من الكبائر ، ومنكر من المنكرات العظيمة ، أما إذا كان بعذر كالسفر وهو ما يعادل ثمانين كيلو أو سبعين كيلو تقريباً ، وهي مسافة ليلة بالمطايا والأقدام ، فهذا يسمى سفراً ، ولا حرج في الإفطار فيه ، أما ما كان في البيت أو ضواحي البلد فلا يسمى سفراً ، والإفطار فيه كبيرة من الكبائر ، ومن يعين المفطر على إفطاره شاركه في الإثم ؛ لأن الله سبحانه يقول : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
فالذي يساعد من أفطر في رمضان بغير عذر بتقديم الطعام أو القهوة أو الشاي أو غير ذلك من الأشربة أو المطعومات آثم مشارك للمفطر في الإثم ، لكن صومه صحيح لا يبطل بالمعاونة ، ولكن يكون آثماً وعليه التوبة إلى الله .
وعليك أيها الأخ السائل الذي غصبت ابنتك أو زوجة ابنك على صنع الطعام أن تتوب إلى الله ، فقد أخطأت حين أمرتها بصنع الطعام له ، أما هي فأحسنت وأصابت في عدم طاعته ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . والنبي عليه الصلاة والسلام قال : (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) . فإذا أمرها زوجها أن تقدم له طعاماً في نهار رمضان وليس له عذر يبيح له الفطر من مرض أو سفر فليس لها أن تعينه على ما حرم الله ولو غضب أو طلق ؛ لأن طاعة الله مقدمة على طاعة الزوج وعلى طاعة الأب وعلى طاعة السلطان وعلى طاعة الأمير ؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) ، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ) .
ولا يعتبر هذا الرجل مسافراً لأنه جلس معهم أسبوعاً ، والظاهر أنه كان عازماً على الإقامة أكثر من أربعة أيام ، فهذا يلزمه الصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهو قول جمهور أهل العلم ؛ أنهم إذا عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام عند أصهارهم فإنهم يصومون معهم ، أما أربعة أيام فأقل فلا يلزمهم الصوم إذا كانوا مسافرين ، وإن صاموا فلا بأس ولا حرج ، أما إذا كانوا قد أرادوا الإقامة عندهم أكثر من أربعة أيام فالذي ينبغي في هذه الحال هو الصوم خروجاً من خلاف العلماء ، وعملاً بقول الأكثر ، ولأن الأصل الصوم ، وشُكَّ في إجازة الإفطار” انتهى .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله - "فتاوى نور على الدرب" (3/1266)