تنزيل
0 / 0
25005315/01/2011

شرح دعاء : (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل)

السؤال: 130911

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والجبن ، والبخل ، والهرم ، والقسوة ، والغفلة ، والعيلة ، والذلة ، والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر ، والكفر ، والفسوق ، والشقاق ، والنفاق ، والسمعة ، والرياء ) أريد معنى هذا الحديث.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
نص الحديث :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، وأعوذ بك من القسوة ، والغفلة ، والعيلة ، والذلة ، والمسكنة ، وأعوذ بك من الفسوق ، والشقاق ، والنفاق ، والسمعة ، والرياء ، وأعوذ بك من الصمم ، والبكم ، والجنون ، والبرص ، والجذام ، وسيء الأسقام) .
وصححه الألباني في “إرواء الغليل” (3/357) ، والشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق “صحيح ابن حبان” .

ثانياً :
معنى الحديث :
هناك بعض الألفاظ الموجودة في السؤال ولا توجد في لفظ الحديث الذي رواه ابن حبان ، ولكن سنذكر شرحها ومعناها لأنها واردة في أدعية أخرى .
العجز : هو عدم القدرة على فعل الشيء .
الكسل : التثاقل عن الفعل مع القدرة عليه .
قال ابن القيم رحمه الله :
“الإنسان مندوب إلى استعاذته بالله تعالى من العجز والكسل ، فالعجز عدم القدرة على الحيلة النافعة ، والكسل عدم الإرادة لفعلها ، فالعاجز لا يستطيع الحيلة ، والكـسلان لا يريدها” انتهى  من “إعلام الموقعين” (3/336) .
ووصف ابن القيم هذين الخلقين في ” زاد المعاد ” (2/358) أنهما ” مفتاح كل شر ” .
الجبن : هو عدم الشجاعة ، وأن يمتنع الإنسان عن فعل ما ينبغي عليه فعله خوفاً على نفسه .
البخل : هو منع ما يجب بذله .
قال النووي رحمه الله :
“وَأَمَّا اِسْتِعَاذَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجُبْن وَالْبُخْل , فَلِمَا فِيهِمَا مِنْ التَّقْصِير عَنْ أَدَاء الْوَاجِبَات , وَالْقِيَام بِحُقُوقِ اللَّه تَعَالَى , وَإِزَالَة الْمُنْكَر , وَالْإِغْلَاظ عَلَى الْعُصَاة , وَلِأَنَّهُ بِشَجَاعَةِ النَّفْس وَقُوَّتهَا الْمُعْتَدِلَة تَتِمّ الْعِبَادَات , وَيَقُوم بِنَصْرِ الْمَظْلُوم وَالْجِهَاد , وَبِالسَّلَامَةِ مِنْ الْبُخْل يَقُوم بِحُقُوقِ الْمَال , وَيَنْبَعِث لِلْإِنْفَاقِ وَالْجُود وَلِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق , وَيَمْتَنِع مِنْ الطَّمَع فِيمَا لَيْسَ لَهُ” انتهى.
الهرم : كبر السن المؤدي إلى ضعف القوى .
قال النووي رحمه الله :
“أَمَّا اِسْتِعَاذَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْهَرَم , فَالْمُرَاد بِهِ الِاسْتِعَاذَة مِنْ الرَّدّ إِلَى أَرْذَل الْعُمُر كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْدهَا , وَسَبَب ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْخَرَف , وَاخْتِلَال الْعَقْل وَالْحَوَاسّ وَالضَّبْط وَالْفَهْم , وَتَشْوِيه بَعْض الْمَنَاظِر , وَالْعَجْز عَنْ كَثِير مِنْ الطَّاعَات , وَالتَّسَاهُل فِي بَعْضهَا” انتهى.

القسوة : غلظ القلب ، وإذا وصف الإنسان بقسوة القلب ، فلا ينتفع بالموعظة ، ولا يرحم من يستحق الرحمة .
الغفلة : غيبة الشيء عن البال وعدم تذكره .
العيلة : الفقر .
الذلة : الهوان على الناس ، ونظرهم إلى الإنسان بعين الاحتقار والاستخفاف به .
المسكنة : قلة المال وسوء الحال .
الشقاق : مخالفة الحق .
النفاق : أن يظهر الإنسان الخير ويبطن الشر .
السمعة : التنويه بالعمل ليسمعه الناس .
الرياء : إظهار العبادة ليراها الناس فيحمدوه .
فالسمعة أن يعمل لله خفية ثم يتحدث بها تنويها ، والرياء أن يعمل لغير الله .
الصمم : عدم السمع أو ضعفه .
البكم : الخرس وهو عدم الكلام .
الجُذَام : مرض معروف ، تتآكل منه الأطراف .
البرص : مرض جلدي معروف .
سيء الأسقام : أي : الأسقام السيئة ، الأمراض الفاحشة الرديئة المزمنة .
انظر : ” فيض القدير ” للمناوي (2/122) .

ثالثاً :
بعض الفوائد المستنبطة من الحديث .
    1- بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ، وكيف أنه كان يستعيذ بالله من الأخلاق السيئة التي تقعد عن العمل ، وتبعث على التأخر والكسل ، فكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله أن يصاب بالعجز والكسل ، بل يحب أن يبعث الله فيه دائماً الهمة العالية ، والحرص على المسابقة في الخيرات .
    2- وفيه حرص النبي صلى الله عليه وسلم على سلامة قلبه وبقائه غضاً نقياً ، هيناً ليناً ، بعيداً عن القسوة والغفلة والجفاء .
    3- وفي هذا الدعاء يستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً من العيلة والذلة والمسكنة : وهذه الثلاثة من أسباب ضعف الإنسان وقعوده عن العمل الصالح ، وقعوده عن عمارة الدنيا بالخير ، فالفقر سبب للهم والحزن والدين وانشغال القلب عن الآخرة ، والذلة يظهر أثرها على البدن فلا يزداد بها إلا ضعفاً وانكساراً ، والمسكنة المستعاذ منها في هذا الحديث المراد بها المقارنة للذلة ، فينبغي للمؤمن أن يسأل ربه العزة بالإيمان والعمل الصالح ، والقوة على الخير .
    4- وفي استعاذته صلى الله عليه وسلم من النفاق والسمعة والرياء دليل على وجوب أن يحرص المؤمن دائماً على تحقيق التوحيد ، وتصفيته من الشوائب التي قد تشوبه ، فالسمعة والرياء من أنواع الشرك الأصغر التي تحبط الأعمال ، وإذا لم ينتبه المؤمن لما قد يتراكم على القلب من هذه الآفات هلك لا محالة .
    5- وفي استعاذته صلى الله عليه وسلم من الأمراض والأسقام الحسية : كالصمم والبكم والبرص والجذام : دليل على أهمية قوة البدن وسلامته من الأفات ، إذ بقوة البدن وسلامته وصحته يستطيع المسلم أن يعبد الله تعالى ويجتهد في عبادته ، وينوع تلك العبادات والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف .
والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android